للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(الثاني) شرط ما ينافي مقتضى البيع نحو أن يشترط أن لا خسارة عليه أو متى نفق المبيع وإلا رده أو إلا يبيع ولا يهب ولا يعتق وإن أعتق فالولاء له أو يشترط أن يفعل ذلك فهذا الشرط باطل في نفسه لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث بريرة حين شرط أهلها الولاء " ماكان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل " نص على بطلان هذا الشرط وقسنا عليه سائر الشروط لأنها في معناه وهل يبطل

بها البيع؟ على روايتين، قال القاضي: المنصوص عن أحمد أن البيع صحيح وهو ظاهر كلام الخرقي وبه قال الحسن والشعبي والنخعي والحكم وابن أبي ليلى وأبو ثور (والثانية) البيع فاسد وهو قول أبي حنيفة والشافعي لأنه شرط فاسد فأفسد البيع كما لو اشترط فيه عقداً آخر، ولأن الشرط إذا فسد وجب الرجوع بما نقصه الشرط من الثمن وذلك مجهول فيصير الثمن مجهولاً ولأن البائع إنما رضي بزوال ملكه عن المبيع بشرطه والمشتري كذلك إذا كان الشرط له فلو صح البيع بدونه لزال ملكه بغير رضاه، والبيع ممن شرطه التراضي ولأنه قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع وشرط ووجه الأولى ماروت عائشة قالت: جاءتني بريرة فقالت: كاتبت أهلي على تسع أواق في كل عام أوقيه فأعينيني، فقلت إن أحب أهلك أعدها لهم عدة واحدة ويكون ولاؤك لي فعلت، فذهبت بريرة إلى أهلها فقالت لهم فأبوا عليها فجاءت من عندهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فقالت: إني عرضت عليهم فأبوا إلا أن يكون الولاء لهم، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم فقال " خذيها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق " ففعلت عائشة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فحمد الله واثنى عليه ثم قال " أما بعد فما بال رجال يشترطون شروطاً ليست في كتاب الله تعالى، ماكان من شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن أعتق " متفق عليه فأبطل الشرط ولم يبطل العقد قال إبن المنذر خبر بريرة ثابت ولا نعلم خبراً يعارضه فالقول به يجب فإن قيل المراد بقوله " اشترطي لهم الولاء " أي عليهم بدليل أنه أمرها به ولا يأمرها بفاسد قلنا لا يصح هذا التأويل لوجهين أحدهما أن الولاء لها بإعتاقها فلا حاجة الى اشتراطه (الثاني) لهم أبوا البيع إلا أن يشترط لهم الولاء فكيف يأمرها بما علم أنهم لا يقبلونه منها وأما أمرها بذلك فليس هو أمراً على الحقيقة، وإنما هو صيغة الأمر بمعنى التسوية بين الا شتراط وتركه كقول الله تعالى (استغفر لهم) وقوله (اصبروا اولا تصبروا) والتقدير واشترطي لهم الولاء اولا تشترطي ولهذا قال عقيبه " فإنما الولاء لمن أعتق " وحديثهم لااصل له على ما ذكرنا وما ذكروه من المعنى في مقابلة النص لا يقبل (فصل) وإذا حكمنا بصحة البيع فللبائع الرجوع بما نقصه الشرط من الثمن ذكره القاضي وللمشتري

الرجوع يزيادة الثمن إن كان هو المشترط لأن البائع إنما سمح بالبيع بهذا الثمن لما يحصل له من الغرض بالشرط والمشتري إنما سمح له بزيادة الثمن من أجل شرطه فإذا لم يحصل غرضه ينبغي أن يرجع بما سمح به كما لو وجده معيباً ويحتمل أن يثبت الخيار ولا يرجع بشئ كمن شرط رهناً اوضمينا فامتنع

<<  <  ج: ص:  >  >>