لأنه لازم لها من غير جنايتها على سبيل المواساة للقاتل والتخفيف عنه فلا يخفف عن الجاني بما يثقل على غيره ويحجف به كالزكاة، ولأنه لو كان الاحجاف مشروعاً كان الجاني أحق به لأنه موجب جنايته وجزاء فعله فإذا لم يشرع في حقه ففي حق غيره أولى، واختلف أهل العلم فيما يحمله كل واحد منهم فقال أحمد يحملون على قد ما يطيقون فعلى هذا لا يتقدر شرعا وإنما يرجع فيه إلى اجتهاد الحاكم فيفرض على كل واحد قدراً يسهل ولا يؤذي وهذا مذهب مالك لأن التقدير لا يثبت إلا بتوقيف ولا يثبت بالرأي والتحكم ولا نص في هذه المسألة فوجب الرجوع فيها الى اجتهاد الحاكم كمقادير النفقات، وعن أحمد رواية أخرى أنه يفرض على الموسر نصف مثقال لأنه أقل ما يتقدر في الزكاة فكان معتبراً بها ويجب على المتوسط ربع مثقال لأن ما دون ذلك تافه لكون اليد لا تقطع فيه بدليل قول عائشة رضي الله عنها لا يقطع في الشئ التافه وما دون ربع دينار لا قطع فيه، وهذا اختيار أبي بكر ومذهب الشافعي وقال أبو حنيفة أكثر ما يجعل على الواحد أربعة دراهم وليس لا فله حد لأن ذلك يجب على سبيل المواساة للقرابة فلم يتقدر اقله كالنفقة قال ويسوى بين الغني والمتوسط لذلك، والصحيح الأول لما ذكرنا من أن التقدير انما يصار إليه بتوقيف فيه وانما يختلف بالغنى والتوسط كالزكاة والنفقة ولا يختلف بالبعد والقرب لذلك
(مسألة)(واختلف القائلون بالتقدير بنصف دينار وربعه فقال بعضهم يتكرر الواجب في الأحوال الثلاثة فيكون الواجب على الغني فيها دينارا ونصفا وعلى المتوسط ثلاثة أرباع دينار)