وبقي العقد كأنه لم يوجد فيه قبض سواء أخرجه بإجارة أو إعارة أو إيداع أو غير ذلك، فإذا عاد فرده إليه عاد اللزوم بحكم العقد السابق لأنه أقبضه باختياره فلزم به كالأول قال أحمد في رواية ابن منصور: إذا ارتهن داراً ثم أكراها صاحبها خرجت من الرهن فإذا رجعت إليه صارت رهناً، وقال فيمن رهن جارية ثم سأل المرتهن أن يبعثها إليه لتخبز لهم فبعث بها فوطئها انتقلت من الرهن فإن لم يكن وطئها فلا شئ.
قال أبو بكر: لا تكون رهناً في تلك الحال، فإذا ردها رجعت إلى الرهن وممن أوجب استدامة القبض مالك وأبو حنيفة وهذا التفريغ على القول الصحيح، فأما على قول من قال ابتداء القبض ليس بشرط فأولى أن يقول الاستدامة غير مشروطة لأن كل شرط يعتبر في الاستدامة يعتبر في الابتداء وقد يعتبر في الابتداء ما لا يعتبر في الاستدامة، وقال الشافعي استدامة القبض ليست شرطاً لأنه عقد يعتبر القبض في ابتدائه فلم تشترط استدامته كالهبة ولنا قول الله تعالى (فرهان مقبوضة) ولأنها إحدى حالتي الرهن فكان القبض فيه شرطاً كالابتداء ويفارق الهبة فإن القبض في ابتدائها يثبت الملك فإذا ثبت استغنى عن القبض ثانياً والرهن يراد للوثيقة ليتمكن من بيعه واستيفاء اليدين من ثمنه، فإذا لم يكن في يده لم يتمكن من بيعه وإن أزيلت يد المرتهن بغير حق
كالغصب والسرقة أو إباق العبد أو ضياع المتاع ونحو ذلك لم يزل لزوم الرهن لأن يده ثابتة حكماً فكأنها لم تزل {مسألة}(ولو رهنه عصيراً فتخمر زال لزومه، فإن تخلل عاد لزومه بحكم العقد السابق) يصح رهن العصير لأنه يصح بيعه وتعريضه للخروج عن المالية لا يمنع صحة رهنه كالمريض والجاني فإن صار إلى حال لا يخرج فيها عن المالية كالخل فهو رهن بحاله، وإن تخمر زال لزوم العقد ووجبت إراقته فإن أريق بطل العقد ولاخيار للمرتهن لأن التلف حصل في يده، فإن عاد خلاً عاد اللزوم بحكم العقد السابق كما لو زالت يد المرتهن عن الرهن ثم عادت إليه وإن استحال خمراً قبل قبض المرتهن له بطل الرهن ولم يعد بعوده خلاً لأنه عقد ضعيف لعدم القبض فأشبه إسلام أحد الزوجين قبل الدخول