وإن قتل صاحب المنزل فهو شهيد لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد) رواه الخلال باسناده ولأنه قتل لدفع ظالم فكان شهيداً كالعادل إذا قتله الباغي (فصل) وكل من عرض لإنسان يريد ماله أو نفسه فحكمه ما ذكرنا فيمن دخل منزله من دفعهم بأسهل ما يمكن دفعه به، فإن كان بينهما نهر كبير أو خندق أو حصن لا يقدرون على اقتحامه فليس له رميهم، فإن لم يمكن إلا بقتالهم فله قتالهم وقتلهم.
قال أحمد في اللصوص يريدون نفسك ومالك: قاتلهم تمنع نفسك ومالك، وقال عطاء في المحرم يلقاه اللصوص يقاتلهم أشد القتال، وقال ابن سيرين ما أعلم أحداً ترك قتال الحرورية واللصوص تأثماً إلا أن يجبن، وقال الصلت بن طريف قلت للحسن إني أخرج في هذه الوجوه، أخوف شئ عندي يلقاني اللصوص يعرضون لي في مالي فإن كففت يدي ذهبوا بمالي، وإن قاتلت اللص ففيه ما قد علمت، قال أي بني من عرض لك في مالك فإن قتلته فإلى النار، وإن قتلك فشهيد، ونحو ذلك عن أنس والنخعي والشعبي، وقال أحمد في امرأة أرادها رجل على نفسها فقتلته لتحصن نفسها قال إذا عملت أنه لا يريد إلا نفسها فقاتلته لتدفع عن نفسها فلا شئ عليها وذكر حديثاً يرويه الزهري عن القاسم بن محمد عن عبيد بن عمير أن رجلاً أضاف ناساً من هذيل فأراد امرأة على نفسها فرمته بحجر فقتلته فقال عمر والله لا يودى أبداً، ولأنه إذا جاز الدفع عن ماله الذي يجوز له بذله وإباحته فدفع المرأة عن نفسها وصيانتها عن الفاحشة التي لا تباح بحال أولى.
إذا ثبت هذا فإنه يجب عليها أن تدفع عن نفسها إن أمكنها ذلك لأن التمكين منها محرم وفي ترك الدفع نوع تمكين فأما من أريد ماله فلا يجب عليه الدفع لأن بذل المال مباح