ما قبل الهبة، وإن أكل الطعام أو لبس الثوب فأتلفه رجع بأرشه وبه قال أبو يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة لا يرجع بشئ لأنه أهلك العين فأشبه مالو قتل العبد.
ولنا أنه ما استدرك ظلامته ولارضي بالعيب فلم يسقط حقه من الأرش كما لو تلف بفعل الله تعالى (فصل) إذا باع المشتري المبيع قبل علمه بالعيب فله الأرش نص عليه أحمد لأن البائع لم يوفه ما أوجبه له العقد ولم يوجد منه الرضى به ناقصاً فكان له الرجوع عليه كما لو أعتقه، وظاهر كلام الخرفي أنه لا أرش له سواء باعه عالما بيعه أو غير عالم.
وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي لأن امتناع الرد كان بفعله فأشبه ما لو أتلف المبيع ولأنه استدرك ظلامته ببيعه فلم يكن له أرش كما لو زال العيب (فصل) وإن باعه عالماً بعيبه أو وهبه أو أعتقه أو وقفه أو استولد الأمة ونحوه فلا شئ له.
ذكره القاضي لأن تصرفه فيه مع علمه بالعيب يدل على رضاه به أشبه مالو صرح بالرضا (قال شيخنا) وقياس المذهب أن له الأرش بكل حال، وقد روي عن أحمد فيما إذا باعه أو وهبه لانا خيرناه ابتداء بين رده وامساكه مع الأرش فبيعه والتصرف فيه بمنزلة إمساكه ولأن الأرش عوض الجزء الفائت من المبيع فلم يسقط ببيعه، كما لو باعه عشرة أقفزة وسلم إليه تسعة فباعها المشتري، وقولهم إنه استدرك
ظلامته لا يصح فإن ظلامته من البائع ولم يستدركها منه، وإنما ظلم المشتري الثاني فلا يسقط حقه بذلك من الظالم له وهذا هو الصحيح من قول مالك، وذكر أبو الخطاب رواية أخرى فيمن باعه ليس له شئ إلا أن يرد عليه المبيع فيكون له حينئذ الرد أو الأرش لأنه إذا باعه فقد استدرك ظلامته، فعلى هذا إذا علم به المشتري الثاني فرده به أو أخذ أرشه منه فللأول أخذ أرشه وهو قول الشافعي إذا امتنع على المشتري الثاني رده بعيب حدث عنده لأنه لم يستدرك ظلامته، وكل واحد من المشتريين يرجع بحصة العيب من الثمن الذي اشتراه به على ما تقدم (فصل) وإذا ردها المشتري الثاني على الأول وكان الاول باعها عالما بالعيب أو وجد منه ما يدل على الرضى به فليس له رده لأن تصرفه رضى بالعيب، وإن لم يكن علم فله رده على بائعه وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة ليس له رده إلا أن يكون المشتري فسخ بحكم الحاكم لأنه سقط حقه من الرد ببيعه فأشبه مالو علم بعيبه.
ولنا أنه أمكنه استدراك ظلامته برده فملك ذلك كما لو فسخ الثاني بحكم حاكم أو كما لو لم يزل ملكه عنه ولا نسلم سقوط حقه، وإنما امتنع لعجزه عن رده فإذا عاد إليه زال المانع فظهر جواز الرد كما لو امتنع الرد لغيبة البائع أو لمعنى آخر، وسواء رجع إلى المشتري الأول بالعيب الاول أو بإقالة أو هبة أو شراء ثان أو ميراث في ظاهر كلام القاضي، وقال أصحاب الشافعي إن رجع بغير الفسخ بالعيب الاول ففيه وجهان (أحدهما) ليس له رده لأنه استدرك ظلامته ببيعه ولم يزل فسخه.
ولنا أن سبب استحقاق الرد قائم وإنما امتنع لتعذره بزوال ملكه فإذا زال المانع وجب