للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيع الحاضر للبادي فإنه لا يمكن استدراكه بالخيار إذ ليس الضرر عليه إنما هو على المسلمين، إذا تقرر هذا فللبائع الخيار إذا علم أنه قد غبن، وقال أصحاب الرأي لا خيار له وقد روينا قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا ولا قول لأحد مع قوله، وظاهر المذهب أنه لاخيار له إلا مع الغبن لأنه إنما يثبت لأجل الخديعة ودفع الضرر عن البائع ولا ضرر مع عدم الغبن وهذا ظاهر مذهب الشافعي ويحمل إطلاق الحديث في إثبات الخيار على هذا لعلمنا بمعناه ومراده ولأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل له الخيار إذا أتى السوق فيفهم منه أنه أشار إلى معرفته بالغبن في السوق ولولا ذلك لكان الخيار له من حين البيع، وظاهر كلام الخرقي إن الخيار يثبت له مجرد الغبن وان قل والأولى أن يتقيد بما يخرج عن العادة لأن ما دون ذلك لا ينضبط، وقال أصحاب مالك إنما نهى عن تلقي الركبان لما يفوت به من الرفق بأهل السوق لئلا ينقطع عنهم ماله جلسوا من ابتغاء فضل الله، قال ابن القاسم فإن تلقاها متلق فاشتراها عرضت على أهل السوق فيشتركون فيها، وقال الليث بن سعد يباع في السوق وهذا مخالف لمدلول الحديث فإن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الخيار للبائع إذا هبط السوق ولم يجعلوا له خيار أو جعل النبي صلى الله عليه وسلم الخيار له يدل على أن النهي عن التلقي لحقه لا لحق غيره، ولأن الجالس في السوق كالمتلقي في أن كل واحد منهما مبتغ لفضل الله ولا يليق بالحكمة فسخ عقد أحدهما والحاق الضرر به دفعاً للضرر عن مثله، وليس رعاية حق الجالس أولى من رعاية حق المتلقي، ولا يمكن اشتراك أهل السوق كلهم في سلعته فلا يعرج على مثل هذا (فصل) فإن تلقاهم فباعهم شيئاً فهو كمن اشترى منهم ولهم الخيار إذا غبنهم غبناً يخرج عن العادة

وهذا أحد الوجهين للشافعية وقالوا في الآخر النهي عن الشراء دون البيع فلا يدخل البيع فيه وهذا مقتضى قول أصحاب مالك لأنهم عللوه بما ذكرنا عنهم ولا يتحقق ذلك في البيع لهم.

ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " ولا تلقوا الركبان " والبائع داخل فيه ولأن النهي عنه لما فيه من خديعتهم وغبنهم، وهذا في البيع كهو في الشراء، والحديث قد جاء ملطقا، ولو كان مختصاً بالشراء لألحق به ما في معناه وهذا في معناه (فصل) فإن خرج لغير قصد التلقي فلقي ركباً فقال القاضي: ليس له الابتياع منهم ولا الشراء وهذا أحد الوجهين لأصحاب الشافعي، ويحتمل أن لا يحرم عليه ذلك وهو قول الليث بن سعد والوجه الثاني لأصحاب الشافعي لأنه لم يقصد التلقي فلم يتناوله النهي ولأنه نادر فلا يكثر ضرره كمن يقصد ذلك ووجه الأول أنه إنما نهى عن التلقي دفعاً للخديعة والغبن عنهم وذلك متحقق سواء قصد التلقي أو لم يقصده فأشبه ما لو قصد {مسألة} (الثانية النجش وهو أن يزيد في السلعة من يريد شراها ليغر المشتري فله الخيار إذا غبن)

<<  <  ج: ص:  >  >>