لأنه ترك له بعض المبيع بغير عوض أو هبة بعض الثمن، والوجه الآخر أنه لا يحنث وهو أولى لأنها معاوضة يملك الشفيع أخذ جميع المبيع ولو كان هبة أو بعضه لم يملك أخذه كله وإن أضافه لم يحنث لأنه لا يملكه شيئاً وإنما أباحه الأكل ولهذا لا يملك التصرف بغيره.
* (فصل) * قال رحمه الله (القسم الثاني الأسماء الحقيقية، فإذا حلف لا يأكل اللحم فأكل الشحم أو المخ أو الكبد أو الطحال أو القلب أو الكرش أو المصران أو الألية أو الدماغ أو القانصة لم يحنث) وجملة ذلك أن الحالف على أكل اللحم لا يحنث بأكل ما ليس بلحم من الشحم والمخ وهو الذي في العظام والدماغ وهو الذي في الرأس في قحفه ولا الكبد والطحال والرئة والقلب والكرش والمصران والقانصة ونحوها، وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة ومالك يحنث بأكل هذا كله لأنه لحم حقيقة ويتخذ منه ما يتخذ من اللحم فأشبه لحم الفخذ.
ولنا أنه لا يسمى لحماً وينفرد عنه باسمه وصفته، ولو أمر وكيله بشراء لحم فاشترى هذا لم يكن ممتثلاً لأمره ولا ينفذ الشراء للموكل فلم يحنث بأكله كالبغل، وقد دل على أن الكبد والطحال ليسا لحما قول النبي صلى الله عليه وسلم " أحلت لنا ميتتان ودمان أما الدمان فالكبد والطحال " ولا نسلم أنه لحم حقيقة
بل هو من الحيوان كالعظم والدم فأما أن قصد اجتناب الدسم حنث بأكل الشحم، لأن له دسماً وكذلك المخ وكل ما فيه دسم ولا يحنث بأكل الألية، قال بعض أصحاب الشافعي يحنث لأنها نابته في اللحم وتشبهه في الصلابة ولا يصح ذلك لأنها لا تسمى لحماً ولا يقصد منها ما يقصد منه وتخالفه