ولنا ما روى البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل انتوضأ من لحوم الابل؟ قال " نعم " قال أفنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال " لا " رواه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجة والترمذي.
وروى جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله أخرجه مسلم.
قال أحمد فيه حديثان صحيحان حديث البراء وجابر بن سمرة.
فأما حديث ابن عباس فإنما هو من قوله موقوف عليه ولو صح لوجب تقديم
حديثنا عليه لكونه أصح وأخص والخاص يقدم على العام، وحديث جابر لا يعارض حديثنا أيضا لصحته وخصوصه فإن قيل فحديث جابر متأخر فيكون ناسخا قلنا لا يصح أن يكون ناسخا لوجوه أربعة (أحدها) أن الأمر بالوضوء من لحوم الابل متأخر عن نسخ الوضوء مما ممست النار أو مقارن له بدليل أنه قرن الأمر بالوضوء من لحوم الابل بالنهي عن الوضوء من لحوم الغنم وهي مما مست النار فأما أن يكون النسخ حصل بهذا النهي أو بشئ قبله فإن كان حصل به كان الأمر بالوضوء من لحوم الابل مقارنا لنسخ الوضوء مما مست النار فلا يكون ناسخا إذ من شروط النسخ تأخر الناسخ وكذلك إن كان بما قبله لان الشئ لا ينسخ بما قبله (الثاني) أن النقض بلحوم الإبل يتناول ما مست النار وغيره ونسخ إحدى الجهات لا يثبت به نسخ الأخرى كما لو حرمت المرأة بالرضاع وبكونها ربيبة فنسح تحريم الرضاع لم يكن نسخا لتحريم الربيبة (الثالث) أن خبرهم عام وخبرنا خاص فالجمع بينهما ممكن يحمل خبرهم على ما سوى صورة التخصيص ومن شروط النسخ تعذر الجمع بين النصين (الرابع) إن خبرنا أصح من خبرهم وأخص والناسخ لابد وأن يكون مساويا للمنسوخ أو راجحا عليه، فإن قيل الأمر بالوضوء في خبركم يحتمل الاستحباب ويحتمل أنه أراد بالوضوء غسل اليد لأن إضافته إلى الطعام قرينة