ما أسلفنا، وإن أغمي عليه لم يكن للمرتهن قبض الرهن وليس لأحد تقبيضه لأن المغمى عليه لا تثبت عليه الولاية، وإذا أغمي على المرتهن لم يكن لأحد أن يقوم مقامه في قبض الرهن وانتظر إفاقته، وإن خرس وكانت له كتابة مفهومة أو إشارة معلومة فحكمه حكم المتكلمين، وإن لم تفهم إشارته ولا كتابته لم يجز القبض، وان كان أحد هؤلاء قد أذن في القبض فحكمه حكم من لم يأذن لأن إذنهم يبطل بما عرض لهم {مسألة}(ولا يلزم الرهن إلا بالقبض واستدامته شرط في اللزوم) لا يلزم الرهن إلا بالقبض ويكون قبل القبض رهنا جائزا يجوز للراهن فسخه، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي وسواء في ذلك المكيل الموزون وغيره، وقال بعض أصحابنا في غير المكيل والموزون رواية أخرى أنه يلزم بمجرد العقد كالبيع وقد نص عليه أحمد في رواية الميموني، وقال مالك يلزم الرهن بمجرد العقد قبل القبض لأنه عقد يلزم بالقبض فلزم قبله كالبيع ووجه الاولى قوله تعالى (فرهان مقبوضة) وصفها بكونها مقبوضة، ولأنه عقد ارفاق يفتقر إلى القبول فافتقر إلى القبض كالقرض ولأنه
رهن لم يقبض فلا يلزم اقباضه كما لو مات الراهن، فعلى هذا إن تصرف الراهن فيه قبل القبض بهبة أو بيع أو عتق، أو جعله صداقا أو رهنه ثانيا بطل الرهن الأول سواء قبض الهبة والبيع والرهن الثاني أو لم يقبضه لأنه أخرجه عن امكان استيفاء الدين من ثمنه أو فعل ما يدل على قصده ذلك، وإن دبره أو أجره أو زوج الأمة لم يبطل الرهن لأن هذا التصرف لايمنع البيع فلا يمنع صحة الرهن ولأنه لايمنع ابتداء الرهن فلا يقطع استدامته كاستخدامه، وإن كاتب العبد الرهن انبنى على صحة رهن المكاتب، فإن قلنا يجوز رهنه لم يبطل الرهن كالتدبير، وإن قلنا لا يجوز بطل الرهن كما لو أعتقه (فصل) فان قلنا أن ابتداء القبض شرط في لزوم الرهن فاستدامة القبض شرط لأنها احدى حالتي الرهن فأشبهت الابتداء، وإن قلنا أن الابتداء ليس بشرط في اللزوم فكذلك الاستدامة {مسألة}(فإن اخرجه المرتهن إلى الراهن باختياره زال لزوم الرهن)