عدوانا والجناية أعظم اثماً وأكبر جرماً ولذلك خصه الله تعالى بالنهي فقال (ولا تقتلوا أولادكم) ثم قال (إن قتلهم كان خطأ كبيرا) ولما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أعظم الذنب قال " أن تجعل لله ندا وهو خلقك ثم أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك " فجعله أعظم الذنوب بعد الشرك ولأنه قطع للرحم التي أمر الله بوصلها ووضع الإساءة موضع الإحسان فهو أولى بإيجاب العقوبة والزجر عنه وإنما امتنع الوجوب في حق الأب لمعنى مختص بالمحل لا لقصور في السبب الموجب فلا يمنع عمله في المحل الذي لا مانع فيه واما شريك الخاطئ ففيه روايتان (إحداهما) يجب القصاص فهو كمسئلتنا ومع التسليم فامتناع الوجوب فيه لقصور السبب عن الإيجاب فان فعل الخاطئ غير موجب للقصاص ولا صالح له والقتل منه ومن شريكه غير متمحض عمد الوقوع الخطأ في الفعل الذي حصل به زهرق الروح بخلاف مسئلتنا وكذلك
كل شريكين امتنع القصاص في حق أحدهما لمعنى فيه من غير قصور في السبب فهو في وجوب القصاص على شريكه كالأب وشريكه كالمسلم والذمي في قتل ذمي والحر والعبد في قتل العبد إذا كان القتل عدواناً فإن القصاص لا يجب على المسلم ولا على الحر ويجب على الذمي والعبد إذا قلنا بوجوبه على شريك الأب لان امتناع القصاص عن المسلم لاسلامه وعن الحر لحريته وانتفاء مكافأة المقتول له وهذا المعنى لا يتعدى إلى فعل شريكه فلم يسقط القصاص عنه وقد روي عن أبي عبد الله أنه سئل عن حر وعبد قتلاً عبداً عمداً قال أما الحر فلا يقتل بالعبد والعبد إن شاء سيده أسلمه وإلا فداه