وجملة ذلك إنهما إذا إدعيا أنهما ملكاها بسبب يوجب الاشتراك مثل أن يقولا ورثناها وابتعناها معاً فأقر المدعى عليه بنفصها فذلك لهما جميعاً لأنهما اعترفا أن الدار لهما مشاعة فإذا غصب غاصب نصفها كان منهما والباقي بينهما وإن لم يكونا ادعيا شيئاً يقتضي الاشتراك بل ادعى كل وحد منهما فأقر لأحدهما بما ادعاه لم يشاركه الآخر وكان على خصومته لأنهما لم يعترفا بالاشتراك، فإن أقر لأحدهما بالكل وكان المقر له يعترف للآخر بالنصف سلمه إليه وكذلك إن كان قد تقدم إقراره بالنصف وجب تسليمه إليه لأن الذي هي في يده قد اعترف له بها فصار بمنزلته فثبتت لمن يقر له وإن لم يكن اعترف للآخر وادعى جميعها أو ادعى أكثر من النصف فهو له، فإن قيل فكيف يملك جميعها ولم يدع إلا نصفها؟ قلنا ليس من شرط صحة الإقرار تقدم الدعوى بل متى اقر بشئ لإنسان فصدقة المقر له ثبت وقد وجد التصديق ههنا في النصف الذي لم يسبق دعواه، ويجوز أن يكون اقتصر
على دعوى النصف لأن له حجة به ولا النصف الآخر قد اعترف له به فادعى النصف الذي لم يعترف له به.
فان لم يصدقه في إقراره بالنصف الذي لم يدعه ولم يعترف به الآخر ففيه ثلاثة أوجه (أحدها) يبطل الإقرار لأنه أقر لمن لا يدعيه (الثاني) ينزعه الحاكم حتى يثبت لمدعيه ويؤجره ويحفظ أجرته لما لكه (والثالث) يدفع إلى مدعيه لعدم التنازع فيه ومذهب الشافعي في هذا الفصل على نحو ما ذكرنا