وحكي عن داود أنه يقضي لقول الله تعالى (فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة) ولنا أن عائشة لم تذكر قضاء في حديثها، ولأن هذه التي سافر بها يلحقها من مشقة السفر بإزاء ما حصل من السكن مثل ما يحصل في الحضر فلو قضى للحاضرات لكان قد مال على المسافرة كل الميل لكن إن كان مسافراً بإحداهن بغير قرعة أثم وقضى للبواقي بعد سفره وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة ومالك لا يقضي لأن قسم الحضر ليس بمثل قسم السفر فيتعذر القضاء.
ولنا أنه خص بعضهن بمدة على وجه تلحقه التهمة فيه فلزمه القضاء كما لو كان حاضراً.
إذا ثبت هذا فينبغي أن لا يلزمه قضاء المدة وإنما يقضي منها ما أقام منها بمبيت ونحوه فأما زمان السير فلم يحصل لها منه إلا المشقة والتعب فلو جعل للحاضرة في مقابلة ذلك مبيتاً عندها واستمتاعاً بها لمال كل الميل.
(فصل) فإن خرجت القرعة لاحداهن لم يجب عليه السفر بها وله تركها والسفر وحده لأن القرعة لا توجب وإنما تعين من تستحق التقديم فإن أراد السفر بغيرها لم يجز لأنها تعينت بالقرعة فلم يجز العدول عنها الى غيرها وإن وهبت حقها من ذلك لغيرها جاز إذا رضي الزوج لأن الحق لها فيجوز هبتها له كما لو وهبت ليلتها في الحضر ولا يجوز بغير رضاه كما لو وهبت ليلتها في الحضر وإن وهبته للزوج أو للجميع جاز، وإن امتنعت من السفر معه سقط حقها إذا رضي الزوج، وإن أبى فله اكراهها على السفر معه لما ذكرنا، وإن رضي بذلك استأنف القرعة بين البواقي، وإن رضي الزوجات