وجملة ذلك أن من شرط العامل أن يكون بالغاً عاقلاً أميناً لان ذلك ضرب من الولاية والولاية يشترط ذلك فيها، ولأن الصبي والمجنون لا قبض لهما والخائن يذهب بمال الزكاة ويضيعه ويشترط اسلامه، اختاره شيخنا وأبو الخطاب، وذكر الخرقي والقاضي أنه لا يشترط اسلامه لانه اجارة على عمل فجاز أن يتولاه الكافر كجباية الخراج وقيل عن أحمد في ذلك روايتان ولنا أنه يشترط له الامانة فاشترط له الاسلام كالشهادة، ولأنه ولاية على المسلمين فاشترط لها
الاسلام كسائر الولايات، ولأن الكافر ليس بأمين، ولهذا قال عمر: لا تأمنوهم وقد خونهم الله.
وأنكر على أبي موسى تولية الكتابة نصرانياً.
فالزكاة التي هي ركن الاسلام أولى، ويشترط كونه من غير ذوي القربى إلا أن تدفع اليه أجرته من غير الزكاة.
وقال أصحابنا: لا يشترط لانها أجرة على عمل تجوز للغني فجازت لذوي القربى كأجرة النقال وهذا أحد الوجهين لأصحاب الشافعي ولنا أن الفضل بن عباس والمطلب بن ربيعة بن الحارث سألا النبي صلى الله عليه وسلم إن يبعثهما على الصدقة فأبى أن يبعثهما وقال " إنما هذه الصدقة أوساخ الناس وأنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد " وهذا ظاهر في تحريم أخذهم لها عمالة فلا تجوز مخالفته ويفارق النقال والحمال فانه يأخذ أجرة لحمله لا لعمالته، ولا يشترط حريته لأن العبد يحصل منه المقصود فأشبه الحر، ولا كونه فقيها اذا كتب له ما يأخذه وحد له كما كتب النبي صلى الله عليه وسلم لعماله فرائض الصدقة وكذلك كتب أبو بكر لعماله أو بعث معه من يعرفه ذلك ولا يشترط كونه فقيراً لأن الله تعالى جعل العامل صنفا غير الفقراء والمساكين فلا يشترط وجود معناهما فيه كما لا يشترط معناه فيهما وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة لغاز في سبيل الله أو لعامل عليها أو لغارم أو لرجل ابتاعها بماله أو لرجل كان له رجل مسكين فتصدق على المسكين فأهدى المسكين إلى الغني " رواه أبو داود وذكر أصحاب الشافعي انه يشترط الحرية لانه ولاية فنافاها الرق كالقضاء ويشترط الفقه ليعلم قدر الواجب وصفته ولنا ما ذكرنا ولا نسلم منافاة الرق للولايات الدينية فإنه يجوز أن يكون اماما في الصلاة ومفتيا وراويا للحديث وشاهدا وهذه منه الولايات الدينية وأما الفقه فانما يحتاج إليه في معرفة ما يأخذه ويتركه ويحصل ذلك بالكتابة له كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه رضي الله عنه (فصل) ذكر أبو بكر في التنبيه في قدر ما يعطى العامل روايتين احداهما يعطى الثمن مما يجبيه والثانية يعطى بقدر عمله، فعلى هذه الرواية يخير الامام بين أن يستأجر العامل اجارة صحيحة بأجر