(فصل) فإن نكس وضوءه فبدأ بشئ من أعضائه قبل وجهه لم يحتسب بما غسله، قبله وإن بدأ برجليه وختم بوجهه لم يصح إلا غسل وجهه، وإن توضأ منكسا أربع مرات صح وضوؤه إذا كان متقاربا يحصل له من كل مرة غسل عضو ومذهب الشافعي نحو هذا ولو غسل أعضاءه دفعة واحدة لم يصح إلا غسل وجهه وإن انغمس في ماء جار فلم يمر على أعضائه إلا جرية واحدة فكذلك وإن مر عليه أربع جريات وقلنا الغسل يجزئ عن المسح أجزأه كما لو توضأ أربع مرات، وإن كان الماء راكدا فقال بعض أصحابنا إذا أخرج وجهه ثم يديه ثم مسح رأسه ثم خرج من الماء أجزأه لان الحديث إنما يرتفع بانفصال الماء عن العضو.
ونص أحمد في رجل أراد الوضوء فاغتمس في الماء ثم خرج من الماء فعليه مسح رأسه وغسل رجليه وهذا يدل على أن الماء إذا كان جاريا فمرت عليه جرية واحدة أنه يجزئه مسح
رأسه ثم يغسل رجليه.
وإن اجتمع الحدثان سقط الترتيب والموالاة على ما سنذكره إن شاة الله تعالى (مسألة) قال (والموالاة على إحدى الروايتين) الموالاة هي الشرط السادس وفيها روايتان (إحداهما) هي واجبة نص عليها أحمد في مواضع وهو قول الأوزاعي وقتادة وأحد قولي الشافعي، قال القاضي وفيها رواية أخرى أنها غير واجبة وهو قول النخعي والحسن والثوري وأصحاب الرأي والقول الثاني للشافعي واختاره ابن المنذر لأن المأمور به غسل الأعضاء فكيفما غسل فقد أتى بالمأمور به، وقد ثبت أن ابن عمر توضأ بالسوق فغسل وجهه ويديه ومسح رأسه ثم دعي لجنازة فمسح على خفيه ثم صلى عليها ولأنها إحدى الطهارتين فلم تجب فيها الموالاة كالكبرى.
وقال مالك إن تعمد التفريق بطل وإلا فلا.
ووجه الأولى ما روى عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي وفي ظهر قدمه لمعة لم يصبها الماء فأمره النبي صلى الله عليه وسلم إن يعيد الوضوء والصلاة رواه أبو داود (١) ولو لم تجب الموالاة لأجزأه غسل اللمعة حسب ولأنها عبادة يفسدها الحدث فاشترطت لها الموالاة كالصلاة والآية دلت على وجوب الغسل وبين النبي صلى الله عليه وسلم كيفيته بفعله فانه لم ينقل عنه أنه توضأ إلا متواليا وغسل الجنابة بمنزلة العضو الواحد، وحكى بعض اصحابنا فيه منعا ذكره الشيخ أبو الفرج وفعل ابن عمر ليس فيه دليل على أنه أخل بالموالاة المشترطة