بينة لم يملك ذلك في أحد الوجهين لأنه قد اسقط حقه من إقامتها ولأن تجويز إقامتها يفتح باب الحيلة لأنه يقول لا أريد إقامتها ليحلف خصمه ثم يقيمها (والثاني) له ذلك لأن البينة لا تبطل بالاستحلاف كما لو كانت غائبة فإن كان له شاهد واحد في المال عرفه الحاكم أن له أن يحلف مع شاهده ويستحق فإن قال لا أحلف أنا وأرضى بيمينه استحلف فإذا حلف سقط الحق عنه فإن عاد المدعي بعدها وقال أنا أحلف مع شاهدي لم يستحلف ولم يسمع منه ذكره القاضي وهو مذهب الشافعي لأن اليمين فعله وهو قادر عليها فأمكنه أن يسقطها بخلاف البينة وإن عاد قبل أن يحلف المدعي عليه فبذل اليمين لم يكن له ذلك في هذا المجلس وكل موضع قلنا يستحلف المدعى عليه فإن الحاكم يقول له أن حلفت وإلا جعلتك ناكلاً وقضيت عليك ثلاثاً فإن حلف وإلا حكم عليه بنكوله إذا سأله المدعي ذلك * (مسألة) * (فإن سكت عن جواب المدعي فلم يقر ولم ينكر حبسه الحاكم حتى يجيب ولا يجعله بذلك ناكلا)
ذكره القاضي في المحرر وقال أبو الخطاب يقول له الحاكم إن أجبت وإلا جعلناك ناكلا وحكمت عليك ويكرر ذلك ثلاثا فإن أجاب وإلا جعله ناكلا وحكم عليه لأنه ناكل عما توجه الجواب فيه فيحكم عليه بالنكول عنه باليمين * (مسألة) * (وإن حلف المنكر ثم أحضر المدعي بينة حكم بها ولم تكن اليمين مزيلة للحق) وجملة ذلك أن المدعي إذا ذكر أن له بينة بعيدة ولا يمكنة إحضارها أو لا يريد إقامتها فطلب اليمين من المدعى عليه احلف له فإذا حلف ثم أحضر المدعي بينة حكم له وبهذا قال شريح والشعبي ومالك والثوري والليث والشافعي وابو حنيفة وأبو يوسف وإسحاق وحكي عن ابن أبي ليلى وداود