(مسألة) فمن أحب أن يتعجل في يومين خرج قبل غروب الشمس وهو بمنى لزمه المبيت والرمي من الغد) أجمع أهل العلم على أن من أراد الخروج من منى شاخصاً عن الحرم غير مقيم بمكة أن له أن ينفر
بعد الزوال في اليوم الثاني من أيام التشريق فإن أحب الإقامة بمكة فقال أحمد: لا يعجبني لمن نفر النفر الأول أن يقيم بمكة.
وقال مالك: يقول في أهل مكة من كان له عذر فله أن يتعجل في يومين فإن أراد التخفيف عن نفسه من أمر الحج فلا.
واحتج من ذهب إلى هذا بقول عمر رضي الله عنه: من شاء من الناس كلهم أن ينفر في النفر الأول إلا آل خزيمة فلا ينفروا إلا في النفر الآخر.
جعل أحمد وإسحاق معنى قول عمر: إلا آل خزيمة.
أي أنهم أهل الحرم.
والمذهب جواز النفر في النفر الاول لكل أحد وهو قول عامة العلماء لقول الله تعالى (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه) قال عطاء هي للناس عامة، وروى أبو داود وابن ماجة عن يحيى بن يعمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " أيام منى ثلاثة فمن تعجل فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه " قال ابن عيينة هذا أجود حديث رواه سفيان، وقال وكيع: هذا الحديث أم المناسك وفيه زيادة أنا اختصرته، ولأنه دفع من مكان فاستوى فيه أهل مكة وغيرهم كالدفع من عرفة ومزدلفة، وكلام أحمد في هذا أراد به الاستحباب موافقة لقول عمر، فمن أحب التعجيل في النفر الأول خرج قبل غروب الشمس فإن غربت قبل خروجه من منى لم ينفر سواء كان ارتحل أو لم يرتحل، هذا قول ابن عمر وجابر وعطاء وطاوس ومجاهد ومالك والثوري والشافعي واسحاق وابن المنذر، وقال أبو حنيفة: له ان ينفر ما لم يطلع فجر اليوم الثالث لأنه لم يدخل وقت رمي اليوم الآخر فجاز له النفر كما قبل الغروب ولنا قوله سبحانه (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه) واليوم اسم للنهار فمن أدركه الليل فما تعجل في يومين، قال إبن المنذر: ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه قال: من أدركه المساء في اليوم الثاني فليقم إلى الغد حتى ينفر مع الناس.
وما قاسوا عليه لا يشبه ما نحن فيه فإنه تعجل في يومين