وجملة ذلك أنه إذا رمى ونحر وحلق أفاض إلى مكة يوم النحر فطاف طواف الزيارة وسمي بذلك لأنه يأتي من منى فيزور البيت، ولا يقيم بمكة بل يرجع إلى منى ويسمى طواف الإفاضة لكونه يأتي به عند افضاته من منى إلى مكة، وصفة هذا الطواف كصفة طواف القدوم إلا أنه ينوي به طواف
الزيارة ويعينه بالنية ولا رمل فيه ولا اضطباع لقول ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرمل في السبع الذي أفاض فيه، والنية شرط في هذا الطواف.
هذا قول اسحاق وابن القاسم صاحب مالك وابن المنذر، وقال الثوري والشافعي وأصحاب الرأي: يجزئه وإن لم ينو الفرض الذي عليه ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى " ولأن النبي صلى الله عليه وسلم سماه صلاة والصلاة لا تصح إلا بنية اتفاقاً، وهذا الطواف ركن للحج لا يتم إلا به بغير خلاف علمناه.
قال ابن عبد البر هو من فرائض الحج لا خلاف في ذلك بين العلماء، قال الله تعالى (وليطوفوا بالبيت العتيق) وعن عائشة قالت: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفضنا يوم النحر فحاضت صفية فأراد النبي صلى الله عليه وسلم منها ما يرد الرجل من أهله فقلت يارسول الله إنها حائض فقال " أحابستنا هي؟ قالوا يارسول الله إنها قد أفاضت يوم النحر قال " اخرجوا " متفق عليه فدل على أن هذا الطواف لابد منه وأنه حابس لمن لم يأت به (مسألة)(وأول وقته بعد نصف الليل من ليلة النحر والأفضل فعله يوم النحر فإن أخره عنه وعن أيام منى جاز) لهذا الطواف وقتان وقت فضيلة ووقت إجزاء فأما وقت الفضيلة فيوم النحر بعد الرمي والنحر