(فصل) والرجوع في الهبة أن يقول قد رجعت فيها أو ارتجعتها أو رددتها أو نحو ذلك من الألفاظ الدالة على الرجوع ولا يفتقر إلى حكم حاكم، وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا يصح الرجوع إلا بقضاء قاض لأن ملك الموهوب له مستقر ولنا أنه خيار في فسخ عقد فلم يفتقر إلى قضاء كالفسخ بخيار الشرط فإن أخذ ما وهبه لولده ونوى به الرجوع كان رجوعاً والقول قوله في نيته لأن ذلك لا يعلم إلا منه، فإن مات الأب ولم يعلم هل نوى الرجوع أو لا؟ ولم توجد قرينة تدل على الرجوع لم نحكم بأنه رجوع لأن الأخذ يحتمل الرجوع وغيره، فلا نزيل حكماً يقينياً بأمر مشكوك فيه فإن اقترنت به قرائن دالة على الرجوع كان رجوعاً في أحد الوجهين اختاره ابن عقيل لأننا اكتفينا في العقد بدلالة الحال في الفسخ ولأن لفظ الرجوع إنما كان رجوعاً لدلالته عليه فكذلك كل ما دل عليه، والآخر لا يكون رجوعاً، وهو مذهب الشافعي لأن الملك
ثابت للموهوب له يقيناً فلا يزول إلا بالصريح، قال شيخنا ويمكن أن ينبني هذا على نفس العقد فمن أوجب الإيجاب والقبول فيه لم يكتف ههنا إلا بلفظ يقتضي زواله، ومن اكتفى في العقد بالمعاطاة الدالة على الرضى به فههنا أولى، فإن نوى الرجوع من غير فعل ولا قول لم يحصل الرجوع وجهاً واحداً لأنه إثباتا لملك على مال مملوك لغيره فلم يحصل بمجرد النية كسائر العقود، وإن علق الرجوع بشرط فقال إذا جاء رأس الشهر فقد رجعت في الهبة لم يصح لأن الفسخ للعقد لا يقف على شرط لا يقف العقد عليه * (مسألة) * (وعن أحمد في المرأة تهب زوجها مهرها إن كان سألها ذلك رده إليها رضيت أو كرهت لأنها لا تهبه له إلا مخافة غضبه أو إضرار بها بأن يتزوج عليها) اختلفت الرواية عن أحمد في هبة المرأة زوجها، فعنه لا رجوع لها، وهذا ظاهر كلام الخرقي واختيار أبي بكر، وبه قال عمر بن عبد العزيز والنخعي وربيعة ومالك والثوري والشافعي وأبي ثور