بالعكس فالأولى الانصراف لئلا يغرروا بالمسلمين، ومتى احتاجوا في القتال إلى لبس ما تجب في الفدية فلهم فعله وعليهم الفدية لأن لبسهم لأجل أنفسهم فأشبه مالو لبسوا للاستدفاء من برد، فإن أذن لهم العدو في العبور فلم يثقوا بهم فلهم الانصراف لأنهم خائفون على أنفسهم فكأنهم لم يؤمنوهم وإن وثقوا بأمانهم وكانوا معروفين بالوفاء لزمهم المضي على إحرامهم لأنه قد زال حصرهم، ان طلب العدو خفارة على تخلية الطريق وكان ممن لا يؤمن بأمانة لم يلزمهم بذلة لأن الخوف باق مع البذل، وإن
كان موثوقاً بأمانة والخفارة كثيرة لم يجب بذله، بل يكره إن كان العدو كافراً لأن فيه صغاراً وتقوية للكافر، وإن كانت يسيرة فقياس المذهب وجوب بذلة كالزيادة في ثمن الماء للوضوء.
وقال بعض أصحابنا: لا يجب بذل خفارة بحال وله التحلل كما في ابتداء الحج لا يلزمه إذا لم يجد طريقاً آمناً من غير خفارة (مسألة) متى قدر المحصر على الهدي فليس له التحلل قبل ذبحه، فإن كان معه هدي قد ساقه أجزأه، وإن لم يكن معه لزمه شراؤه إن أمكنه ويجزئه أدنى الهدي وهو شاة أو سبع بدنة لقوله تعالى (فما استيسر من الهدي) وله نحره في موضع حصره من حل أو حرم نص عليه أحمد وهو قول مالك