وجملة ذلك أن من حلف لا يأكل شيئاً فشربه أو لا يشربه فأكله فقد نقل عن أحمد ما يدل على روايتين (إحداهما) يحنث لأن اليمين على ترك أكل شئ أو شربه يقصد بها في العرف اجتناب ذلك الشئ فحملت اليمين عليه ألا ترى إلى قوله تعالى (ولا تأكلوا اموالهم - وان الذين يأكلون أموال اليتامى) لم يرد به الأكل على الخصوص؟ ولو قال طبيب لمريض لا تأكل العسل لكان ناهياً عن شربه (والثانية) لا يحنث وهو مذهب الشافعي وأبي ثور وأصحاب الرأي، لأن الأفعال أنواع
كاليمين ولو حلف على نوع من الأعيان لم يحنث بغيره كذلك الأفعال، وقال القاضي إنما الروايتان فيمن عين المحلوف عليه مثل من حلف لا أكلت هذا السويق فشربه أو لا يشربه فأكله أما إذا أطلق فقال لا أكلت سويقاً فشربه أو لا يشربه فأكله لم يحنث رواية واحدة لا يختلف المذهب فيه وهذا يخالف ما ذكرنا ههنا من الإطلاق ومخالف لما أطلقه الخرقي، وليس للتعيين أثر في الحنث وعدمه فإن الحنث في المعين إنما كان لتناوله ما حلف عليه وإجراء معنى الأكل والشرب على التناول العام فيهما وهذا لا فرق فيه بين التعيين وعدمه وعدم الحنث معلل بإنه لم يفعل الفعل الذي حلف على تركه وإنما فعل غيره وهذا في المعين كهو في المطلق لعدم الفارق بينهما، ولأن الرواية في الحنث أحدث من كلام الخرقي وليس فيه تعيين ورواية عدم الحنث أحدث من رواية مهنا عن أحمد فيمن حلف لا يشرب هذا النبيذ فأكله لا يحنث لأنه لا يسمى شربا وهذا في المعين فإن عديت كل رواية