ولنا أن العدالة شرط فوجب العلم بها كالاسلام وكما لو طعن الخصم فيهما فأما الإعرابي المسلم فإنه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ثبتت عدالتهم بثناء الله تعالى عليهم فإن من ترك دينه في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم إيثار الدين الإسلام وصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثبتت عدالته وأما قول عمر فالمراد به الظاهر العدالة ولا يمنع ذلك وجوب البحث ومعرفة حقيقة العدالة فقد روي عنه أنه أتي بشاهدين فقال لست أعرفكما ولا يضركما إن لم أعرفكما جيئا بمن يعرفكما فأتيا برجل فقال له عمر تعرفهما؟ فقال نعم فقال عمر صحبتهما في السفر الذي تبين فيه جواهر الناس؟ قال لا قال عاملتهما في الدراهم والدنانير التي تقطع فيها الرحم؟ قال لا قال كنت جاراً لهما تعرف صباحهما ومساءهما؟ قال لا قال يا ابن أخي لست تعرفهما جيئا بمن يعرفكما وهذا بحث يدل على أنه لا يكتفي بدونه.
إذا ثبت هذا فإن الشاهد يعتبر فيه أربعة شروط الإسلام والبلوغ والعقل والعدالة وليس فيها ما يحفى ويحتاج إلى البحث إلا العدالة فيحتاج إلى البحث عنها لقول الله تعالى (ممن ترضون من الشهداء) ولا يعلم أنه مرضي حتى يعرفه أو يخبر عنه فيأمر الحاكم بكتب اسمائهم وكناهم ونسبهم ويرفع فيها ما يتميزون به عن غيرهم ويكتب صنائعهم ومعائشهم وموضع مساكنهم وصلاتهم ليسأل عنهم جيرانهم وأهل سوقهم ومسجدهم ومحلتهم ويحكيهم فيكتب اسودا وأبيض أو انزع أو أغم أو أشهل أو أكحل أقنى الأنف أو أفطس رقيق الشفتين أو غليظهما طويل أو قصير أو ربعة ونحو هذا التمييز ولا يقع اسم على اسم ويكتب اسم المشهود له وقدر الحق ويكتب ذلك كله لأصحاب مسائله لكل واحد رقعة وإنما ذكرنا المشهود له لئلا يكون بينة وبين الشاهد عدواة وذكرنا قدر الحق لأنه ربما كان ممن يرون قبوله في اليسير دون الكثير فتطيب نفس المزكي به إذا كان يسيراً ولا تطيب إذا كان كثيراً