للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الحضر وهو قول بعض أهل الظاهر لقول النبي صلى الله عليه وسلم " ليس من البر الصوم في السفر " متفق عليه، ولأنه عليه السلام أفطر في السفر فلما بلغه أن قوماً صاموا قال " أولئك العصاة " وروى ابن ماجة بإسناده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " الصائم في رمضان في السفر كالمفطر في الحضر " وعامة أهل العلم على خلاف هذا القول.

قال ابن عبد البر هذا قول يروى عن عبد الرحمن بن عوف هجره الفقهاء كلهم والسنة ترده، وحجتهم ما روى حمزة عن عمرو الأسلمي أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أصوم في السفر؟ وكان كثير الصيام قال " إن شئت فصم وإن شئت فأفطر " متفق عليه، وفي لفظ رواه النسائي أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم أجد قوة على الصيام في السفر فهل علي جناح؟ قال " هي رخصة فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه " وقال أنس كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يعب الصائم على المفطر، ولا المفطر على الصائم، متفق عليه، وأحاديثهم محمولة على تفضيل الفطر على الصيام (فصل) والفطر في السفر أفضل وهو مذهب ابن عمر وابن عباس وسعيد بن المسيب والشعبي والاوزاعي، وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي الصوم أفضل لمن قوي عليه، يروي ذلك عن أنس

وعثمان بن أبي العاص لما روى سلمة بن المحبق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من كانت له حمولة تأوي إلى شبع فليصم رمضان حيث أدركه " رواه أبو داود، ولأن من خير بين الصوم والفطر كان الصوم أفضل كالتطوع، وقال عمر بن عبد العزيز ومجاهد وقتادة أفضل الأمرين أيسرهما لقول الله تعالى " يريد الله بكم اليسر " ولما روى أبودواد عن حمزة بن عمرو قال: قلت يا رسول الله إني صاحب ظهر أعالجه وأسافر عليه وأكريه وإنه ربما صادفني هذا الشهر يعني رمضان وأنا أجد القوة وأنا شاب وأجدني أن أصوم يا رسول الله أهون علي من أن أوخر فيكون ديناً علي أفأصوم يارسول الله أعظم لأجري أو أفطر؟ قال " أي ذلك شئت يا حمزة " ولنا ما تقدم من الأخبار في الفصل الذي قبله، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " خيركم الذي يفطر في السفر ويقصر " ولأن فيه خروجاً من الخلاف فكان أفضل كالقصر وقياسهم ينتفض بالمريض وبصوم الأيام المكروه صومها (فصل) وإنما يباح الفطر في السفر الطويل الذي يبيح القصر وقد ذكرنا ذلك فيما مضى في الصلاة ثم لا يخلو المسافر من ثلاث أحوال (أحدها) أن يدخل عليه شهر رمضان في السفر فلا خلاف في إباحة الفطر له فيما نعلم (الثاني) أن يسافر في أثناء الشهر ليلاً فله الفطر في صبيحة الليلة التي يخرج فيها وما بعدها في قول عامة أهل العلم، وقال عبيدة السلماني وأبو مجاز وسويد بن غفلة: لا يفطر من سافر بعد دخول

<<  <  ج: ص:  >  >>