{مسألة}(وإن شرطا الخيار لأحدهما دون صاحبه صح) يجوز شرط الخيار لأحد المتعاقدين دون الآخر ويجوز أن يشرطا لأحدهما مدة وللآخر دونها لأن ذلك حقهما وإنما جوز رفقاً بهما فكيفما تراضيا به جاز، ولو اشترى شيئين وشرط الخيار في أحدهما بعينه دون الآخر صح لأن أكثر ما فيه أنه جمع بين مبيع فيه الخيار وبين مبيع لاخيار فيه وذلك جائز بالقياس على شراء ما فيه شفعة وما لا شفعة فيه فإنه يصح ويكون كل واحد منهما مبيعاً بقسطه من الثمن فإن فسخ البيع فيما فيه الخيار رجع بقسطه من الثمن كما لو وجد أحدهما معيباً فرده، وإن شرط الخيار في أحدهما لا بعينه أو شرط الخيار لأحد المتعاقدين لا بعينه لم يصح لأنه مجهول فأشبه مالو اشترى واحداً من عبدين لا بعينه، ولأنه يفضي إلى التنازع فربما طلب كل واحد من المتعاقدين ضد ما يطلبه الآخر ويدعي أنني المستحق للخيار أو يطلب من له الخيار رد أحد المبيعين ويقول ليس هذا الذي شرطت لك الخيار فيه، ويحتمل أن لا يصح شرط الخيار في أحد المبيعين بعينه كما لا يصح بيعه بقسطه من الثمن وهذا كله مذهب الشافعي {مسألة}(ولمن له الخيار الفسخ بغير حضور صاحبه ولارضاه) وبهذا قال مالك والشافعي وأبو يوسف وزفر، وقال أبو حنيفة ليس له الفسخ إلا بحضور صاحبه
كالوديعة.
ولنا أنه رفع عقد لا يفتقر إلى رضى صاحبه فلم يفتقر إلى حضوره كالطلاق، وما ذكره ينتقض بالطلاق، والوديعة لاحق للمودع فيها ويصح فسخها مع غيبته {مسألة}(فإن مضت المدة ولم يفسخا بطل خيارهما) إذا انقضت مدة الخيار ولم يفسخ أحدهما بطل الخيار ولزم العقد، وهذا قول أبي حنيفة والشافعي وقال القاضي لا يلزم بمضي المدة وهو قول مالك لان مدة الخيار ضربت لحق له لا لحق عليه فلم يلزم الحكم بنفس مرور الزمان كمضي الأجل في حق المولي.
ولنا أنها مدة ملحقة بالعقد فبطلت بانقضائها كالأجل، ولأن الحكم ببقائها يفضي إلى بقاء الخيار في غير المدة التي شرطاه فيها والشرط يثبت الخيار فلا يجوز أن يثبت به ما لم يتناوله ولأنه حكم مؤقت ففات بفوات وقته كسائر المؤقتات.
ولأن البيع يقتضي اللزوم وإنما يختلف موجبه بالشرط ففيما لم يتناوله الشرط يجب أن يثبت موجبه لزوال المعارض كما لو أمضياه.
وأما المولي فإن المدة إنما ضربت لاستحقاق المطالبة وهي تستحق بمضي المدة والحكم في هذه المسألة ظاهر (فصل) فإن قال أحد المتعاقدين عند العقد (لاخلابة) فقال أحمد: أرى ذلك جائزاً وله الخياران كان خلبه وإن لم يكن خلبه فليس له خيار وذلك لأن رجلاً ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أنه يخدع في البيع فقال " إذا بايعت فقل لاخلابة " متفق عليه ولمسلم " من بايعت فقل لاخلابة " فكان إذا بايع يقول لاخلابة قال شيخنا ويحتمل أن لا يكون له خيار ويكون هذا الخبر خاصاً بحبان لأنه روي أنه عاش إلى زمن عثمان فكان