السلم إنما ثبت رخصه في حق المفاليس فلابد من الأجل ليحصل ويسلم وهذا يتحقق بأقل مدة يتصور حصوله فيها.
ولنا أن الأجل إنما اعتبر ليتحقق المرفق الذي شرع من أجله السلم ولا يحصل ذلك بالمدة التي لا وقع لها في الثمن، ولا يصح اعتباره بمدة الخيار لأن الخيار يجوز ساعة وهذا لا يجوز والأجل يجوز أن يكون أعواماً وهم لا يجيزون الخيار أكثر من ثلاث وكونها آخر حد القلة لا يقتضي التقدير بها، وقولهم إن المقصود يحصل بأقل مدة لا يصح فإن السلم إنما يكون لحاجة المفاليس الذين لهم ثمار أو زروع أو تجارات ينتظرون حصولها ولا يحصل هذا في المدة اليسيرة غالبا {مسألة}(إلا أن يسلم في شئ يأخذ منه كل يوم أجزاء معلومة فيصح) قال الأثرم قلت لأبي عبد الله الرجل يدفع إلى الرجل الدراهم في الشئ يؤكل فيأخذ منه كل يوم من تلك السلعة شيئاً فقال على معنى السلم؟ فقلت نعم، فقال لا باس ثم قال مثل الرجل القصاب يعطيه الدينار على أنه يأخذ منه كل يوم رطلا من لحم قد وصفه: وبهذا قال مالك، وقال الشافعي إذا أسلم في جنس واحد إلى أجلين لم يصح في أحد القولين لأن ما يقابل أبعدهما أجلا أقل مما يقابل الآخر
وذلك مجهول.
ولنا أن كل بيع جاز إلى أجل جاز إلى أجلين وآجال كبيوع الأعيان، فعلى هذا إذا قبض البعض وتعذر رجع بقسطه من الثمن ولا يجعل للباقي فضلاً على المقبوض لأنه مبيع واحد متماثل الاجزاء فيقسط الثمن على أجزائه بالسوية كما لو اتفق أجله {مسألة}(فان أسلم في جنس إلى أجلين أو في جنسين إلى أجل صح) أما إذا أسلم في جنس إلى أجلين فقد ذكرناه في المسألة قبلها، وأن أسلم في جنسين إلى أجل واحد صح قياساً على البيع {مسألة}(ولابد أن يكون الأجل مقدراً بزمن معلوم للخبر) وهو أن يسلم إلى وقت يعلم بالأهلة نحو أول الشهر وأوسطه وآخره أو يوم معلوم منه لقول الله تعالى (يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) ولا خلاف في صحة التأجيل بذلك، فإن أسلم إلى عيد الفطر أو النحر أو يوم عرفة أو عاشوراء أو نحوها جاز لأنه معلوم بالأهلة فإن