وبيان احتمال اللفظ له أنه يسوغ في كلام العرب التعبير بالخاص عن العام قال الله تعالى (ما يملكون
من قطمير - ولا يظلمون فتيلا - وإذا لا يؤتون الناس نقيرا) والقطمير لفافة النواة والفتيل ما في شقها والنقير النقرة التي في ظهرها ولم يرد ذلك بعينه بل نفى كل شئ، وقال الحطيئة يهيج بني العجلان: * ولا يظلمون الناس حبة خردل * ولم يرد الحبة بعينها إنما أراد لا يظلمونهم شيئاً وقد يذكر العام ويراد به الخاص كقوله تعالى (الذين قال لهم الناس) أراد رجلاً واحداً (إن الناس قد جمعوا لكم) يعني أبا سفيان وقال (تدمر كل شئ بأمر ربها) ولم تدمر السماء والأرض ولا مساكنهم، وإذا احتمله اللفظ وجب صرف اليمين إليه إذا نواه لقول النبي صلى الله عليه وسلم " وإنما لأمرئ ما نوى " ولأن كلام الشارع يحمل على مراده به إذا ثبت ذلك بالدليل فكذلك كلام غيره.
قولهم أن الحنث مخالفة ما عقد اليمين عليه قلنا وهذا كذلك فإن اليمين إنما انعقدت على ما نواه ولفظه مصروف إليه وليست هذه نية مجردة بل لفظ منوي به ما يحتمله (فصل) ومن شرائط انصراف اللفظ إلى ما نواه احتمال اللفظ له فإن نوى ما لا يحتمله اللفظ مثل أن يحلف لا يأكل خبزاً يعني به لا يدخل بيتاً فإن يمينه لا تنصرف إلى المنوي لأنها نية مجردة لا يحتملها اللفظ فأشبه ما لو نوى ذلك بغير يمين * (مسألة) * [فإن لم تكن له نية رجع إلى سبب اليمين وما هيجها] إذا عدمت البينة نظرنا في سبب اليمين وما أثارها لدلالتها على النية فإذا حلف ليقضينه حقه غداً فقضاه قبله لم يحنث إذا قصد أن لا يتجاوزه أو كان السبب لا يقتضيه وبهذا قال أبو حنيفة ومحمد