أن بينته لا تسمع لأن اليمين حجة المدعى عليه فلا تسمع بعدها حجة المدعي كما لا تسمع يمين المدعى عليه بعد بينة المدعي ولنا قول عمر رضي الله عنه البينة الصادقة أحب إلي من اليمين الفاجرة، وظاهر هذه البينة الصدق ويلزم من صدقها فجوز اليمين المتقدمة فتكون أولى ولأن كل حالة يجب عليه الحق فيها بإقراره يجب عليه بالبينة كما قبل اليمين وما ذكراه لا يصح لأن البينة الأصل واليمين بدل عنها ولهذا لا تشرع إلا عند تعذرها والبدل يبطل بالقدرة على المبدل كبطلان التيمم بالقدرة على الماء ولا يبطل الأصل بالقدرة على البدل ويدل على الفرق بينهما أنهما حال اجتماعهما وإمكان سماعهما تسمع البينة ويحكم بها ولا تسمع اليمين ولا يسأل عنها (فصل) فإن طلب المدعي حبس المدعى عليه واقامة كقيل به إلى إقامة ببيته البعيدة لم يقبل منه ولم تكن له ملازمة خصمه نص عليه أحمد لأنه لم يثبت له قبله حق يحبس به ولا يقيم به كفيلاً ولأن الحبس عذاب فلا يلزم معصوماً لم يتوجه عليه حق ولو جاز ذلك لتمكن كل ظالم من حبس من شاء من الناس بغير حق وإن كانت ببيته قريبة فله ملازمته حتى يحضرها لأن ذلك من ضرورة إقامتها فإنه لو لم يتمكن من ملازمته لذهب من مجلس الحاكم ولا تمكن إقامتها إلا بحضرته ولأنه لما تمكن من إحضاره مجلس الحكم حتى يقيم فيه البينة تمكن من ملازمته فيه حتى تحضر البينة ويفارق البينة البعيدة
ومن لا يمكن حضورها فإن إلزامه الإقامة إلى حين حضورها يحتاج إلى حبس أو ما يقوم مقامه ولا سبيل إليه (فصل) ولو أقام المدعي شاهداً واحداً ولم يحلف معه وطلب يمين المدعي عليه احلف له ثم أن أحضر شاهداً آخر بعد ذلك كملت بينته وقضي بها لما ذكرنا في التي قبلها والله أعلم