ولنا أنه من أهل الإجتهاد فلم يجز له تقليد غيره كما لو كان مثله كالمجتهدين في القبلة وما ذكروه لا يصح فان هو افقه منه يجوز عليه الخطأ فإذا اعتقد أن ما قاله خطأ لم يجز له أن يعمل به وإن كان
لم يبن له الحق فلا يجوز له أن يحكم بما يجوز أن يبين له خطؤه إذا اجتهد * (مسألة) * (ولا يقضي وهو غضبان ولا حاقن ولا في شدة الجوع والعطش والهم والوجع والنعاس والبرد المؤلم والحر المزعج فإن خالف وحكم فوافق الحق نفذ حكمه وقال القاضي لا ينفذ وقيل إن عرض له ذلك بعد فهم الحكم جاز وإلا فلا) لا خلاف بين أهل العلم فيما علمنا في أن القاضي لا ينبغي له أن يقضي وهو غضبان كره ذلك شريح وعمر بن عبد العزيز وأبو حنيفة والشافعي لما روي أن ابا بكرة كتب إلى إبنه عبد الله وهو قاض بسجستان لا تحكم بين اثنين وانت غضبان فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان " متفق عليه وروي عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى إياك والقلق والغضب والضجر والتأذي بالناس عند الخصومة فإذا رأيت الخصم يتعمد فأوجع رأسه، ولأنه إذا غضب تغير عقله ولم يستوف رأيه وفكره وفي معنى الغضب كلما يشغل فكره من الجوع المفرط والعطش الشديد والجوع المزعج ومدافعة احد الاخبثين وشدة النعاس والهم والغم والحزن والفرح فهذه كلها تمنع الحكم لإنها تمنع حضور القلب واستيفاء الفكر الذي يتوصل به إلى إصابة الحق في الغالب فهي في معنى الغضب المنصوص عليه فتجري مجراه فإن خالف وحكم في الغضب أو ما شاكله فوافق الحق نفذ قضاؤه