مظان النجاسة فالحش أولى لكونه معداً للنجاسة ومقصوداً لها ولأنه قد منع من ذكر الله تعالى والكلام فيه فمنع الصلاة فيه أولى.
قال شيخنا ولا أعلم فيه نصاً.
وقال بعض أصحابنا أن كان المصلي عالماً بالنهي لم تصح صلاته فيها لأنه عاص بالصلاة فيها والمعصية لا تكون قربة ولا طاعة وإن كان جاهلاً ففيه روايتان (إحداهما) لا تصح لأنها لا تصح مع العلم فلم تصح مع الجهل كالصلاة في محل نجس (والثانية) تصح لأنه معذور (فصل) ذكر القاضي أن المنع من الصلاة في هذه المواضع تعبد فعلى هذا يتناول النهي كل ما يقع عليه الاسم فلا فرق في المقبرة بين الحديثة والقديمة وما تقلبت أتربتها أو لم تتقلب، فأما إن كان فيها
قبر أو قبران لم يمنع من الصلاة فيها لأنه لا يتناولها الإسم، وإن نقلت القبور منها جازت الصلاة فيها لزوال الإسم ولإن مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت فيه قبور المشركين فنبشت متفق عليه.
ولا فرق في الحمام بين مكان الغسل والمسلخ والأتون وكل ما يغلق عليه باب الحمام لتناول الإسم له.
وأعطان الإبل هي التي تقيم فيها وتأوي إليها، وقيل هي المواضع التي تناخ فيها إذا وردت، والأول أجود لأنه جعله في مقابلة مراح الغنم، والحش الذي يتخذ للغائط والبول فيمنع من الصلاة فيما هو داخل بابه، قال شخينا: ويحتمل أن المنع من الصلاة في هذه المواضع معلل بكونها مظان للنجاسات فإن المقبرة تنبش ويظهر التراب الذي فيه دماء الموتى وصديدهم، ومعاطن الإبل يبال فيها فإن البعير البارك كالجدار يستتر به ويبول، كما روي عن ابن عمر ولا يتحقق هذا في غيرها والحمام موضع الأوساخ والبول.
فنهي عن الصلاة فيها لذلك وإن كانت طاهرة لأن المظنة يتعلق الحكم بها وإن خفيت الحكمة ومتى أمكن تعليل الحكم كان أولى من قهر التعبد، ويدل على هذا تعدية الحكم إلى الحش المسكوت عنه بالتنبيه ولابد في التنبيه من وجود معنى المنطوق وإلا لم يكن تنبيهاً، فعلى هذا يمكن قصر الحكم على ما هو مظنة منها فلا يثبت الحكم في موضع المسلخ من الحمام ولا في سطحه لعدم المظنة فيه وكذلك ما أشبهه والله أعلم (فصل) ولا تصح الصلاة في الموضع المغصوب في أظهر الروايتين، وأحد قولي الشافعي.
والرواية الثانية يصح، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والقول الثاني للشافعي لأن النهي لا يعود إلى الصلاة فلم يمنع صحتها كما لو صلى وهو يرى غريقا يمكنه إنقاذه فلم ينقذه أو مطل غريمه الذي يمكن إيفاؤه وصلى ووجه الأولى أن الصلاة عبادة أتي بها على الوجه المنهي عنه فلم تصح كصلاة الحائض فإن حركاته من القيام والركوع والسجود أفعال إختيارية هو منهي عنها عاص بها فكيف يكون مطيعاً بما