للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على عمر رضي الله عنه فسأله أربد فقال احكم يا أربد فيه قال أنت خير مني يا أمير المؤمنين قال إنما أمرتك أن تحكم ولم آمرك أن تزكيني فقال أربد أرى فيه جدياً قد جمع الماء والشجر فقال عمر فذلك فيه، فأمره عمر أن يحكم وهو القاتل وأمر أيضا كعب الأحبار أن يحكم على نفسه في الجرادتين اللتين صادهما وهو محرم ولأنه مال يخرج في حق الله تعالى فجاز أن يكون من وجب عليه أمينا فيه كالزكاة، قال ابن عقيل إنما يحكم القاتل إذا قتل خطأ لأن القتل عمداً ينافي العدالة فيخرج عن أن يكون قد قتله جاهلاً بالتحريم فلا يمتنع أن يحكم لأنه لا يفسق بذلك والله أعلم.

وعلى قياس ذلك إذا قتله عند الحاجة إلى أكله لأن قتله مباح لكن يجب فيه الجزاء (مسألة) (ويجب في كل واحد من الصغير والكبير والصحيح والمعيب مثله إلا الماخض تفدى بقيمة مثلها وقال أبو الخطاب يجب فيها مثلها) يجب في كبير الصيد كبير مثله وفي الصغير صغير وفي الصحيح صحيح وفي المعيب معيب وفي الذكر ذكر وفي الأنثى أنثى، وبهذا قال الشافعي، وقال مالك لا يجزئ إلا كبير صحيح لأن الله تعالى قال (هديا بالغ الكعبة) ولا يجزئ في الهدي صغير ولا معيب ولأنها كفارة متعلقة بقتل حيوان فلم تختلف بصغره وكبره كقتل لآدمي

ولنا قوله تعالى (فجزاء مثل ما قتل من النعم) ومثل الصغير صغير ومثل المعيب معيب ولأن ما ضمن باليد والجناية اختلف ضمانه بالصغر والكبر كالبهيمة، والهدي في الآية مقيد بالمثل، وقد أجمع الصحابة رضوان الله عليهم على ايجاب مالا يصلح هديا كالجفرة والعناق والجدي.

وكفارة الآدمي ليست بدلاً عنه ولا تجري مجرى الضمان بدليل أنها لا تتبعض في أبعاضه فإن فدى المعيب بصحيح فهو أفضل فأما الماخض وهي الحامل فقال القاضي يضمنها بقيمة مثلها، وهو مذهب الشافعي لأن قيمتها أكثر من قيمة لحمها وقال أبو الخطاب يضمنها بما خض مثلها للآية ولأن إيجاب القيمة عدول عن المثل مع إمكانه فان فداها بغير ماخض احتمل الجواز لأن هذه الصفة لا تزيد في لحمها بل ربما نقصتها فلا يشترط وجودها في المثل كاللون وإن جني على ماخض فأتلف جنينها وخرج ميتاً ففيه ما نقصت أمه كما لو جرحها وإن خرج حياً لوقت يعيش لمثله ثم مات ضمنه بمثله وإن كان لوقت لا يعيش لمثله فهو كالميت كجنين الآدمية (مسألة) (ويجوز فداء أعور من عين بأعور من أخرى وفداء الذكر بالانثى وفي فدائها به وجهان) إذا فدى المعيب بمثله جاز لما ذكرنا وإن اختلف العيب مثل فداء الأعور بأعرج والأعرج بأعور لم يجز لعدم المماثلة وإن فدى أعور من إحدى العينين بأعور من أخرى أو أعرج بقائمة بأعرج من أخرى

<<  <  ج: ص:  >  >>