بخنصره بعض العرك وهذا كله يدل على وجوب الغسل لأن الممسوح لا يحتاج إلى الاستيعاب والعرك، وأما الآية فقد روى عكرمة عن ابن عباس أنه كان يقرأ (وأرجلكم) قال عاد إلى الغسل وروي ذلك عن علي وابن مسعود والشعبي قراءتها كذلك وهي قراءة بن عامر فتكون معطوفة على اليدين ومن قرأ بالجر فللمجاورة كقوله تعالى (إني أخاف عليكم عذاب يوم أليم) جر أليما وهو صفا للعذاب على المجاورة.
وقول الشاعر: فظل طهاة اللحم من بين منضج * صفيف شواء أو قدير معجل فجر قديرا مع العطف للمجاورة.
وإذا احتمل الأمرين وجب الرجوع إلى فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه مبين يبين بفعله تارة وبقوله أخرى ويدل على صحة هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن عنبسة ثم غسل رجليه كما أمره الله فثبت بهذا أن الله تعالى إنما أمره بالغسل لا بالمسح ويحتمل أنه أراد بالمسح الغسل الخفيف، قال أبو علي الفارسي: العرب تسمي خفيف الغسل مسحا فيقولون تمسحت للصلاة أي توضأت، فإن قيل فعطفه على الرأس يدل على أنه أراد حقيقة المسح.
قلنا قد افترقا من وجوه (أحدها) إن الممسوح في الرأس شعر يشق غسله والرجلان بخلاف ذلك فهما أشبه بالمغسولات (الثاني) أنهما محدودان بحد ينتهي إليه أشبها اليدين (الثالث) إنهما معرضتان للخبث لكونهما يوطأ بهما على الأرض، وأما حديث أوس بن أوس فيحمل على أنه أراد الغسل الخفيف وكذلك حديث ابن عباس وكذلك قال أخذ ملء كف من ماء فرش على قدميه والمسح يكون بالبلل لا برش الماء والله أعلم