ولنا قول الله تعالى (واستشهدوا شهيدين من رجالكم) ولأنه رجل عدل مقبول الرواية فقبلت شهادته كالبصير وفارق الصبي فإنه ليس برجل ولا عدل ولا مقبول الرواية ولأن السمع أحد الحواس التي يحصل بها اليقين وقد يكون المشهود عليه ممن ألفه الأعمى وكثرت صحبته له وعرف صوته يقيناً فلا يشك فيه فوجب أن تقبل شهادته فيما تيقنه كالبصير ولهذا أجاز الشافعي وأصحابه شهادته بالاستفاضة ولا تثبت عندهم حتى يسمعها من عدلين ولا بد أن يعرفهما حتى يعرف عدالتهما فإذا صح أن يعرف الشاهدين صح أن يعرف المقر ولا خلاف في قبول روايته وجواز استماعه من زوجته إذا عرف صوتها وصحة قبول النكاح، وجواز اشتباه الأصوات كجواز اشتباه الصفة وفارق الأفعال فإن مدركها الرؤية وهي غير ممكنة من الأعمى والأقوال مدركها السمع هو يشارك البصير فيه وربما زاد عليه ويفارق الخط فإنه لو تيقن من كتب الخط أو رآه يكتبه لم يجز أن يشهد بما كتب فيه
إذا ثبت هذا فإنه لا يجوز أن يشهد إلا إذا تيقن الصوت وعلم المشهود عليه يقيناً فإن جوز أن يكون صوت غيره لم يجز أن يشهد به كما لو اشتبه على البصير المشهود عليه فلم يعرفه (مسألة)(وتجوز في المرئيات التي تحملها قبل العمى إذا عرف الفاعل باسمه ونسبه وما يتميز به) وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة لا تجوز شهادته أصلاً لأنه لا يجوز أن يكون حاكماً ولنا ما تقدم في المسألة قبلها ولأن العمى فقد حاسة لا يخل بالتكليف فلم يمنع قبول الشهادة