(مسألة) قال (أو اغتسل أو تمضمض أو استنشق فدخل الماء حلقه لم يفسد صومه) المضمضة والاستنشاق لا يفطر بغير خلاف سواء كان في طهارة أو غيرها وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم إن عمر سأله عن القبلة للصائم فقال النبي صلى الله عليه وسلم " أرأيت لو تمضمضت من إناء وأنت صائم " قلت لا بأس قال " فمه " ولأن الفم في حكم الظاهر فلا يبطل الصوم بالواصل إليه كالأنف والعين فإن تمضمض أو استنشق في الطهارة فسبق الماء إلى حلقه من غير قصد ولا إسراف فلا شئ عليه، وهذا قول الأوزاعي وإسحاق والشافعي في أحد قوليه وروي ذلك عن ابن عباس وقال مالك وأبو حنيفة يفطر لأنه أوصل الماء إلى حلقه ذاكراً لصومه فأفطر كما لو تعمد شربه ولنا أنه وصل إلى حلقه من غير قصد ولا إسراف أشبه مالو طارت ذبابه إلى حلقه وبهذا فارق المتعمد (فصل) فأما إن زاد على الثلاث وبالغ في الاستنشاق والمضمضة فقد فعل مكروهاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة " وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً " فإن دخل الماء حلقه فقال أحمد يعجبني أن يعيد الصوم وفيه وجهان أحدهما يفطر لأنه فعل مكروهاً تعرض به إلى إيصال الماء إلى حلقه أشبه من أنزل بالمباشرة ولأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المبالغة حفظاً للصوم فدل على أنه يفطر به ولأنه وصل بفعل منهي عنه أشبه العمد والثاني لا يفطره لأنه وصل من غير قصد أشبه غبار الدقيق إذا دخل حلقه وقت نخله فأما المضمضة لغير طهارة فإن كانت لحاجة كغسل فمه عند الحاجة إليه ونحوه فحكمه حكم المضمضة للطهارة