(ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين) والعذاب الذي يدرؤه عنها لعلها هو الحد المذكور في قوله تعالى (وليشهد عذابها طائفة من المؤمنين) ولأنه بلعانه حقق زناها فوجب عليها الحد كما لو شهد عليها أربعة ولنا أنه لم يتحقق زناها فلا يجب عليها الحد كما لو لم يلاعن ودليل ذلك أن تحقيق وزناها لا يخلو إما أن يكون بلعان الزوج أو بنكولها لا يجوز أن يكون بلعان الزوج وحده لأنه لو يثبت زناها به لما سمع لعلنها ولا وجب الحد على قاذفها ولأنه إما يمين وإما شهادة وكلاهم لا يثبت له الحق على غيره ولا يجوز أن يثبت بنكولها لأن الحد لا يثبت بالنكول فإنه يدرأ بالشبهات فلا يثبت بها، وذلك لأن النكول يحتمل أن يكون لشدة خفرها أو لثقلها على لسانها أو غير ذلك فلا يجوز إثبات الحد الذي اعتبر في بينته من العدد ضعف ما اعتبر في سائر الحدود واعتبر في حقهم ان يصفوا صورة الفعل وأن يصرحوا بلفظه وغير ذلك مبالغة في نفي الشبهات عنه وتوسلاً إلى إسقاطه، ولا يجوز أن يقضى فيه بالنكول الذي هو في نفسه شبهة لا يقضى به في شئ من الحدود ولا العقوبات ولا ما عدا الأموال مع أن الشافعي لا يرى القضاء بالنكول في شئ فكيف يقضي به في أعظم الأمور أبعدها ثبوتاً وأسرعها سقوطاً؟ ولانها لو أقرت بلسانها ثم رجعت لم يجب عليها الحد فلأن لا يجب بمجرد امتناعها من اليمين على برأتها أولى، ولا يجوز أن يقضى فيه بهما لأن ما لا يقضى فيه باليمين المفردة لا يقضى فيه باليمين