معناها أنها للآخر منا وهذا تمليك معلق بخطر ولا يجوز تعليق التمليك بالخطر ولنا ما ذكرنا من الأحاديث وحديثهم لا نعرفه ولا نسلم أن معناها ما ذكروه بل معناها أنها لك حياتك فإن مت رجعت إلي فتكون كالعمرى سواء لأنه زاد شرطها لورثة المرقب إن مات المرقب قبله
وهذا يبين تأكيدها على العمرى (فصل) وتصح العمرى في الحيوان والثياب لأنها نوع هبة فصحت في ذلك كسائر الهبات وقد روي عن أحمد في الرجل يعمر الجارية أنه قال لا أرى له وطأها قال القاضي لم يتوقف أحمد في وطئ الجارية لعدم الملك فيها لكن على طريق الورع لكون الوطئ استباحة فرج وقد اختلف في العمرى فجعلها بعضهم تمليك المنافع فلم ير له وطأها لهذا ولو وطئها جاز (فصل) وقد ذكرنا أنه لو وقت الهبة في غير العمرى والرقبى كقوله (وهبتك هذا سنة) أو إلى أن يقدم الحاج أو إلى أن يبلغ ولدي أو مدة حياة فلان ونحو هذا لم يصح لأنها تمليك للرقبة فلم تصح موقنة كالبيع وتفارق العمرى والرقبى لأن الإنسان إنما يملك الشئ عمره فإذا ملكه عمره فقد وقته بما هو موقت به في الحقيقة فصار ذلك كالمطلق (فصل) فأما إن قال سكناها لك عمرك فله أخذها في أي وقت أحب وكذلك إن قال اسكنها أو أسكنتكها عمرك أو نحو ذلك فليس هذا عقداً لازماً لأنه في التحقيق هبة المنافع والمنافع إنما تستوفى بمضي الزمان شيئاً فشيئاً فلا تلزم الا في قدر ما قبضه منها واستوفاه بالسكنى فعلى هذا للمسكن الرجوع متى شاء وتبطل بموت من مات منهما وبه قال أكثر أهل العلم منهم الشعبى والنخعي والثوري والشافعي واسحاق وأصحاب الرأي وقال الحسن وعطاء وقتادة هي كالعمرى يثبت فيها مثل حكمها وحكي عن الشعبي أنه قال إذا قال هي لك اسكن حتى تموت فهي له حياته وموته، وإن قال داري هذه اسكنها حتى تموت فإنها ترجع إلى صاحبها لأنه إذا قال لك فقد جعل له رقبتها فتكون عمرى، وإذا قال اسكن داري هذه فإنما جعل له نفعها دون رقبتها فتكون عارية