التالف لا في مقابلة الجملة، فإن ذهبت هذه الأعضاء بغير جناية فهل يضمنها ضمان الإتلاف أو ما نقص؟ على روايتين مضى ذكرهما، وعن أحمد رواية أخرى أن عين الدابة تضمن بربع قيمتها من الخيل والبغال والحمير فإنه قال في رواية أبي الحارث في رجل فقأ عين دابة عليه ربع قيمتها قيل له فقأ العينين؟ قال إذا كانت واحدة فقال عمر ربع القيمة وأما العينان فما سمعت فيهما شيئاً قيل له فإن كان بعيراً أو بقرة أو شاة؟ فقال هذا غير الدابة هذا ينتفع بلحمه ينظر ما نقصها، وهذا يدل على أن أحمد إنما أو جب مقدراً في العين الواحدة من الدابة وهي الغرس والبغل والحمار خاصة للأثر الوارد فيه وما عدا هذا يرجع إلى القياس.
واحتج أصحابنا لهذه الرواية بما روى زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم
قضى في عين الدابة بربع قيمتها وروي عن عمر رضي الله عنه أنه كتب إلى شربح لما كتب إليه يسأله عن عين الدابة: إنا كنا نزلها منزلة الآدمي إلا أنه أجمع رأينا أن قيمتها ربع الثمن.
وهذا إجماع يقدم على القياس ذكر هذين أبو الخطاب في رءوس المسائل، وقال أبو حنيفة إذا قلع عيني بهيمة ينتفع بها من وجهين كالدابة والبعير والبقرة وجب نصف قيمتها وفي إحداهما ربع قيمتها لقول عمر أجمع رأينا على أن قيمتها ربع الثمن، والمذهب إن قدر الأرش ما نقص من القيمة كسائر الأعيان فأما حديث زيد بن ثابت فلا أصل له ولو كان صحيحاً لما احتج أحمد وغيره بحديث عمر وتركوه وأما قول عمر فمحمول على أن ذلك كان قدر نقصها كما روي عنه أنه قضى في العين الفائمة بخمسين ديناراً