لا يصح لأنه قد يكون بعيداً يثبت له حكم السفر البعيد إذا قصده ولأن ذلك يفضي إلى جعل البعيد من حاضريه، والقريب من غير حاضريه لتفاوت المواقيت في القرب والبعد واعتباره بما ذكرنا أولى لأن الشارع حد الحاضر دون مسافة القصر بنفي أحكام المسافرين عنه فكان الاعتبار به أولى من الاعتبار بالنسك لوجود لفظ الحضور في الآية (فصل) إذا كان للمتمتع قريتان قريبة وبعيده فهو من حاضري المسجد الحرام لأنه إذا كان بعض أهله قريباً لم يوجد فيه الشرط وهو أن لا يكون أهله من حاضري المسجد الحرام، ولأن له أن يحرم من القريبة فلم يكن بالتمتع مترفها بترك أحد السفرين، وقال القاضي: له حكم القرية التي يقيم بها أكثر فإن استويا فمن التي ماله بها أكثر؟ فإن استويا فمن التي ينوي الإقامة بها أكثر؟ فإن استويا فله حكم القرية التي أحرم منها وقد ذكرنا دليل ما قلناه (فصل) فإن دخل الآفاقي مكة متمتعاً ناوياً الإقامة بها بعد تمتعه فعليه دم المتعة قال إبن المنذر أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم ولو كان الرجل منشأة بمكة فخرج عنها منتقلاً مقيماً بغيرها ثم عاد إليها متمتعاً ناوياً للإقامة بها أو ناو فعليه دم متعة لأنه خرج بالانتقال عنها عن أن يكون من أهلها وبه قال مالك والشافعي واسحاق وذلك لأن حضور المسجد الحرام إنما حصل بنية الإقامة وفعلها وهذا إنما نوى الإقامة إذا فرغ من أفعال الحج لأنه إذا فرغ من عمرته فهو ناو للخروج إلى الحج فكأنه إنما نوى أن يقيم بعد وجوب الدم عليه فأما إن سافر المكي غير منتقل ثم عاد فاعتمر من الميقات وحج من عامة فلا دم عليه لأنه لم يخرج بذلك عن كون أهله من حاضري المسجد الحرام (فصل) وهذا الشرط الخامس شرط لوجوب الدم عليه وليس بشرط لكونه متمتعاً فإن متعة المكي صحيحة لأن التمتع أحد الإنساك الثلاثة فصح من المكي كالنسكين الآخرين ولأن حقيقة التمتع أن يعتمر في أشهر الحج ثم يحج من عامة وهذا موجود في المكي وقد نقل عن أحمد ليس على
أهل مكة متعة ومعناه ليس عليهم دم متعة لأن المتعة له لا عليه فتعين حمله على ما ذكرناه (فصل) إذا ترك الآفاقي الإحرام من الميقات وأحرم من دونه بعمرة ثم حل منها وأحرم بالحج من مكة من عامه فهو متمتع وعليه دمان دم المتعة ودم لإحرامه من دون الميقات.