وهم العميان لان هؤلاء في الغالب لا يقدرون على اكتساب ما يقع موقعاً من كفايتهم، وربما لا يقدرون على شئ أصلا، قال الله تعالى (للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا) فمعنى قوله يقع موقعاً من كفايته أنه يحصل به معظم الكفاية أو نصفها مثل من يكفيه عشرة فيحصل له من مسكنه أو غيره خمسة فما زاد، والذي لا يجد إلا ما لا يقع موقعاً من كفايته كالذي لا يحصل إلا ثلاثة أو دونها فهذا هو الفقير والاول هو المسكين، فأما الذي يسأل فيحصل الكفاية أو معظمها من مسئلته فهو من المساكين لكنه يعطى جميع كفايته ليغتني عن السؤال، فإن قيل فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " ليس المسكين بالطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان، ولكن المسكين الذي لا يسأل الناس ولا يفطن له فيتصدق عليه "(١) قلنا هذا تجوز وانما نفي المسكنة عنه مع وجودها حقيقة فيه مبالغة في اثباتها في الذي لا يسأل الناس كما قال عليه السلام " ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب " وأشباه ذلك كقوله " ما تعدون الرقوب فيكم؟ قالوا: الذي لا يعيش له ولد، قال: لا ولكن الرقوب الذي لم يقدم من ولده شيئاً "
* (مسألة) * (ومن ملك من في الاثمان مالا يقوم بكفايته فليس يغني وان كثرت قيمته) وجملة ذلك أنه إذا ملك مالاً تتم به كفايته من غير الاثمان، فإن كان مما لا تجب فيه الزكاة كالعقار ونحوه لم يكن ذلك مانعاً من أخذها نص عليه أحمد فقال في رواية محمد ابن الحكم: إذا كان له عقار يستغله أو ضيعة تساوي عشرة آلاف أو أقل أو أكثر لا تقيمه يأخذ من الزكاة، وهذا قول الثوري والنخعي والشافعي وأصحاب الرأي، ولا نعلم فيه خلافاً لانه فقير محتاج فيدخل في عموم الآية، فأما إن ملك نصابا زكويا لا تتم به الكفاية كالمواشي والحبوب فله الأخذ من الزكاة.
قال الميموني ذاكرت أحمد فقلت: قد يكون للرجل الابل والغنم تجب فيها الزكاة وهو فقير ويكون له أربعون شاة ويكون له الضيعة لا تكفيه يعطى من الصدقة؟ قال نعم، وذكر قول عمر: أعطوهم وإن راحت عليهم من الابل كذا وكذا، قلت فلهذا قدر من العدد أو الوقت؟ قال لم أسمعه.
وهذا قول الشافعي.
وقال أصحاب الرأي: ليس له أن يأخذ منها لأنه تجب عليه الزكاة فلم تجب له لقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ
" ١ " هذا الحديث وما بعده متفق عليهما من حديث أبي هريرة