لما روى عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أنه خطب الناس في اليوم الذي يشك فيه فقال إني جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألتهم وإنهم حدثوني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وانسكوا لها، فإن غم عليكم فأتموا ثلاثين، وإن شهد شاهدان ذوا عدل فصوموا وأفطروا " رواه النسائي ولأن هذه شهادة على رؤية الهلال أشبهت الشهادة على هلال شوال، وقال أبو حنيفة في الغيم كقولنا وفي الصحو لا يقبل إلا الاستفاضة لأنه لا يجوز أن ينظر الجماعة إلى مطلع الهلال وأبصارهم والموانع منتفيه فيراه واحد دون الباقين ولنا ماروى ابن عباس قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال رأيت الهلال قال " أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله " قال نعم.
قال يا بلال أذن في الناس فليصوموا غداً " رواه أبو داود والنسائي والترمذي، وروى ابن عمر قال: تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم إني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه رواه أبو داود ولأنه خبر عن وقت الفريضة فيما طريقه المشاهدة فقبل فيه قول واحد كالخبر بدخول وقت الصلاة ولأنه خبر ديني يشترك فيه المخبر والمخبر فقبل من عدل واحد كالرواية وخبرهم إنما يدل بمفهومه وخبرنا يدل بمنطوقه وهو أشهر منه فيجب
تقديمه، ويفارق الخبر عن هلال شوال فإنه خروج من العبادة وهذا دخول فيها ويتهم في هلال شوال بخلاف مسئلتنا وما ذكره أبو بكر وأبو حنيفة لا يصح لأنه يجوز انفراد الواحد به مع لطافة المرئي وبعده (١) ويجوز أن يختلف معرفتهم بالمطلع ومواضع قصدهم وحده نظرهم ولهذا لو حكم حاكم بشهادة واحد جاز ولو شهد شاهدان وجب قبول شهادتهما عند أبي بكر ولو كان ممتنعاً على ما قالوه لم يصح فيه حكم حاكم ولا ثبت بشهادة اثنين، ومن منع ثبوته بشهادة اثنين رد عليه الخبر الأول وقياسه على سائر الحقوق وسائر الشهور، ولو أن جماعة في محفل وشهد منهم اثنان على رجل أنه طلق زوجته أو أعتق عبده قبلت شهادتهما، ولو أن اثنين من أهل الجمعة شهدا على الخطيب أنه قال على المنبر في الخطبة شيئاً لم يشهد به غيرهما لقبلت شهادتهما، وكذلك لو شهدا عليه بفعل وأن غيرهما يشاركهما في سلامة السمع وصحة البصر كذا هاهنا (فصل) وإن أخبره برؤية الهلال من يثق بقوله لزمه الصوم وإن لم يثبت ذلك عند الحاكم لأنه خبر بوقت العبادة يشترك فيه المخبر والمخبر أشبه الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخبر عن دخول وقت الصلاة ذكره ابن عقيل، ومقتضى هذا أنه يلزمه قبول خبره وإن رده الحاكم لأن رد الحاكم يجوز أن يكون لعدم علمه بحال المخبر، ولا يتعين ذلك في عدم العدالة وقد يجهل الحاكم عدالة من يعلم غيره عدالته