بين ذلك وبين رمضان أن وجوب الصيام تجدد في أثناء النهار فأجزأته النية حين تجدد الوجوب كمن كان صائماً تطوعاً فنذر في أثناء النهار صوم بقية يومه فإنه تجزئه نيته عند نذره بخلاف ما إذا كان النذر متقدماً والفرق بين التطوع والفرض من وجهين (أحدهما) أن التطوع يمكن الاتيان به في بعض النهار بشرط عدم المفطرات في أوله بدليل قوله عليه السلام في حديث عاشوراء " فليصم بقية يومه " فإذا نوى صوم التطوع من النهار كان صائماً بقية النهار دون أوله والفرض يجب في جميع النهار ولا يكون صائماً بغير نية (والثاني) أن التطوع سومح في نيته من الليل تكثيراً له فإنه قد يبدو له الصوم في النهار فاشتراط النية في الليل يمنع ذلك فسامح الشرع فيها كمسامحته في ترك الصلاة في صلاة التطوع بخلاف الفرض إذا ثبت هذا ففي أي جزء من الليل نوى أجزأه وسواء فعل بعد النية ما ينافي الصوم من الأكل والشرب والجماع أو لم يفعل واشترط بعض أصحاب الشافعي أن لا يأتي بعد النية بما ينافي الصوم واشترط بعضهم وجود النية في النصف الأخير من الليل كأذان الصبح والدفع من مزدلفة ولنا مفهوم قوله عليه السلام " لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل " من غير تفصيل ولأنه نوى من الليل فصح صومه كما نوى في النصف الأخير وكما لو لم يفعل ما ينافي الصوم ولأن تخصيص النية بالنصف الأخير يفضي الى تفويت الصوم لأنه وقت النوم وكثير من الناس لا ينتبه فيه ولا يذكر الصوم والشارع انما رخص في تقديم النية على ابتدائه لحرج اعتبارها عنده فلا يخصها بمحل لا تندفع