وقد روى حماد بن زيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة حديث حيضها فقال فيه حدثني غير واحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها " دعي عمرتك، وانقضي رأسك وامتشطي " وذكر تمام الحديث، وهذا يدل على أنه لم يسمع من عائشة هذه الزيادة وهو مع ما ذكرنا من مخالفة بقية الرواة يدل على الوهم مع مخالفتها للكتاب والأصول إذ ليس لنا موضع آخر يجوز فيه رفض العمرة مع إمكان إتمامها، ويحتمل أن قوله " دعي العمرة " أي دعيها بحالها وأهلي بالحج معها أو دعي أفعال العمرة فإنها تدخل في أفعال الحج، فأما العمرة من التنعيم فلم يأمرها بها النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما قالت للنبي صلى الله عليه وسلم إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت، قال " فاذهب بها يا عبد الرحمن فاعمرها من التنعيم " وروى الأثرم باسناده عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها قال: قلت اعتمرت بعد الحج؟ قالت والله ما كانت عمرة ما كانت إلا زيارة ورب البيت إنما هي مثل نفقتها.
قال أحمد: إنما أعمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة حين ألحت عليه فقالت يرجع الناس بنسكين وأرجع بنسك فقال " يا عبد الرحمن أعمرها " فنظر إلى أدنى الحل فأعمرها منه (مسألة)(ومن أحرم مطلقا صح وله صرفه إلى ما شاء) يصح الإحرام بالنسك المطلق وهو أن لا يعين حجاً ولا عمرة لأنه إذا صح الإحرام مع الإبهام صح مع الإطلاق قياساً عليه، فإذا أحرم مطلقاً فله صرفه إلى ما شاء من الإنساك لأن له أن يبتدئ
الإحرام بأيها شاء فكان له صرف المطلق إلى ذلك.
والأولى صرفه إلى العمرة لأنه إن كان في غير أشهر الحج فالإحرام بالحج مكروه أو ممتنع، وإن كان في أشهر الحج فالعمرة أولى لأن التمتع أفضل وقد قال أحمد يجعله عمرة لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبا موسى حين أحرم بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعلها عمرة كذا هذا