ولنا أن من دون مسافة القصر في حكم الحاضر في أنه لا يفطر ولا يقصر ولذلك عددناه من حاضري المسجد الحرام ومن لم يمكنه الرجوع لعذر فهو كالبعيد ولو لم يرجع القريب الذي يمكنه الرجوع لم يكن عليه أكثر من دم ولا فرق بين تركه عمداً أو خطأ لعذر أو غيره لأنه من واجبات الحج فاستوى عمده وخطأه والمعذور وغيره كسائر واجباته.
فإن رجع البعيد فطاف للوداع.
فقال القاضي لا يسقط عنه الدم لأنه قد استقر عليه ببلوغه مسافة القصر فلم يسقط برجوعه كمن تجاوز الميقات غير محرم فأحرم دونه ثم رجع إليه.
وإن رجع القريب فطاف فلا دم عليه سواء كان ممن له
عذر يسقط عنه الرجوع أولا لأن الدم لم يستقر عليه لكونه في حكم الحائض ويحتمل سقوط الدم عن البعيد برجوعه لأنه واجب أتى به فلم يجب عليه بدله كالقريب (فصل) وإذا رجع البعيد فينبغي أن لا يجوز له تجاوز الميقات إن كان تجاوزه إلا محرماً لأنه ليس من أهل الاعذار فليزمه طواف لإحرامه بالعمرة، والسعي، وطواف الوداع وفي سقوط الدم عنه الخلاف المذكور وإن كان من دون الميقات أحرم من موضعه.
فأما إن رجع القريب فظاهر قول من ذكرنا قوله أنه لا يلزمه إحرام لأنه رجع لإتمام نسك مأمور به فأشبه من رجع لطواف الزيارة فأما أن ودع وخرج ثم دخل مكة لحاجة فقال أحمد أحب إلي أن لا يدخل إلا محرماً وأحب إلي إذا خرج أن يودع البيت بالطواف، وهذا لأنه لم يدخل لإتمام النسك، إنما دخل لحاجة غير متكررة أشبه من يدخلها للإقامة بها