للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحديث فاطمة بنت قيس حين ذكرت له أن معاوية وأبا جهم خطباها فأمرها أن تنكح أسامة، وقد نهى عن الخطبة على خطبة أخيه كما نهى عن السوم على سوم أخيه فما أبيح في أحدهما أبيح في الآخر (الرابع) أن يظهر منه ما يدل على الرضا من غير تصريح.

فقال القاضي لا تحرم المساومة، وذكر أن أحمد نص عليه في الخطبة استدلالاً بحديث فاطمة ولأن الأصل إباحة السوم والخطبة فحرم منه ما وجد فيه التصريح بالرضا وما عداه يبقى على الأصل (قال شيخنا) لو قيل بالتحريم ههنا لكان وجها حسناً فإن النهي عام خرجت منه الصورة المخصوصة بأدلتها فتبقى هذه الصورة على مقتضى العموم ولأنه وجد منه دليل على الرضا أشبه مالو صرح به، ولا يضر اختلاف الدليل بعد التساوي في الدلالة وليس في حديث فاطمة ما يدل على الرضا لانها جات مستشيرة للنبي صلى الله عليه وسلم وليس ذلك دليلاً على الرضا وكيف ترضى وقد نهاها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله " لا تفوتينا بنفسك " فلم تكن تفعل شيئاً قبل مراجعة النبي صلى الله عليه وسلم والحكم في الفساد كالحكم في البيع على بيع أخيه في الموضع الذي حكمنا بالتحريم فيه (فصل) وبيع التلجئة باطل وبه قال أبو يوسف ومحمد، وقال أبو حنيفة والشافعي هو صحيح

لأن البيع تم بأركانه وشروطه خالياً عن مقارنة مفسدة فصح كما لو اتفقا على شرط فاسد ثم عقد البيع بغير شرط.

ولنا أنهما ما قصدا البيع فلم يصح منهما كالهازلين، ومعنى بيع التلجئة أن يخاف أن يأخذ السلطان أو غيره ملكه فيواطئ رجلا على أن يظهر أنه اشتراه منه ليحتمي بذلك ولا يريدان بيعاً حقيقيا {مسألة} (وفي بيع الحاضر للبادي روايتان إحداهما يصح والأخرى لا يصح بخمسة شروط أن يحضر البادي لبيع سلعة بسعر يومها جاهلاً بسعرها ويقصده الحاضر وبالناس حاجة إليها، وإن اختل شرط منها صح البيع) البادي ههنا من يدخل البلد من غير أهلها سواء كان بدوياً أو من قرية أو من بلدة أخرى، ولا يجوز أن يبيع الحاضر للبادي لقول ابن عباس نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تتلقى الركبان وأن يبيع حاضر لباد.

قال فقلت لابن عباس ما قوله حاضر لباد؟ قال لا يكون له سمساراً، متفق عليه، وعن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يبيع حاضر لباد دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض " رواه مسلم والمعنى في ذلك أنه متى ترك البدوي بيع سلعته اشتراها الناس رخص وتوسع عليهم السعر، وإذا تولى الحاضر بيعها وامتنع من بيعها إلا بسعر البلد ضاق على أهل لبلد، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم في تعليله إلى هذا.

وممن كره بيع الحاضر للبادي طلحة بن عبيد الله وابن عمر وأبو هريرة وأنس وعمر بن عبد العزيز ومالك والليث والشافعي، ونقل أبو إسحاق ابن شاقلا أن الحسن بن علي المصري سأل أحمد عن بيع حاضر لباد فقال لا بأس به قال له فالخبر الذي جاء بالنهي.

قال كان ذلك مرة، فظاهر هذا أن النهي اختص بأول الإسلام لما كان عليهم من الضيق في ذلك.

هذا قول مجاهد وأبي حنيفة وأصحابه، والمذهب الأول لعموم النهي وما ثبت في حقهم ثبت في حقنا ما لم يقم على اختصاصهم به دليل، وهو مذهب الشافعي وظاهر كلام الخرقي أنه يحرم بثلاثة شروط (أحدها) أن يكون الحاضر قصد البادي ليتولى البيع له فان كان هو القاصد للحاضر جاز لان التضيق حصل منه لامن الحاضر.

(الثاني) أن يكون

<<  <  ج: ص:  >  >>