للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تصريح بالبيع فإن قول عمر هو لك يحمل على أنه أراد هبته وهو الظاهر فإنه لم يذكر ثمناً والهبة لا يثبت فيها الخيار، وقال الشافعي تصرف البائع في المبيع بالبيع والهبة ونحوهما صحيح لأنه إما أن يكون على ملكه فيملك العقد عليه، إما أن يكون للمشتري والبائع يملك فسخه، فجعل البيع والهبة فسخاً وأما تصرف المشتري فلا يصح إذا قلنا الملك لغيره وإن قلنا الملك له ففي صحة تصرفه وجهان ولنا على إبطال تصرف البائع أنه تصرف في ملك غيره بغير ولاية شرعية ولا نيابة عرفية فلم يصح كما بعد الخيار، وقولهم يملك الفسخ قلنا إلا أن ابتداء التصرف لم يصادف ملكه فلم يصح كتصرف الأب فيما وهبه لولده قبل استرجاعه وتصرف الشفيع في الشقص المشفوع قبل أخذه

(فصل) فإن تصرف المشتري بإذن البائع أو البائع بوكالة المشتري صح التصرف وانقطع خيارهما لأنه يدل على تراضيهما بإمضاء البيع فينقطع به خيارهما كما لو تخايرا، وانما صح تصرفهما لأن قطع الخيار حصل بالإذن في البيع فيقع بعد البيع انقطاع الخيار ويحتمل أن لا يصح تصرف البائع بإذن المشتري لأن البائع لا يحتاج إلى إذن المشتري في استرجاع المبيع فيصير كتصرفه بغير إذن المشتري وقد ذكرنا أنه لا يصح كذا ههنا، وكل موضع قلنا إن تصرف البائع لا ينفذ ولكن ينفسخ به البيع فإنه متى أعاد ذلك التصرف أو تصرف تصرفاً سواه صح لأن الملك عاد إليه بفسخ البيع فصح تصرفه فيه كما لو فسخ البيع بصريح قوله ثم تصرف فيه إلا إذا قلنا أن تصرفه لا ينفسخ به البيع وكذلك إن تقدم تصرفه بما ينفسخ به البيع صح تصرفه لما ذكرنا {مسألة} (ويكون تصرف البائع فسخا لبيع وتصرف المشتري إسقاطاً لخياره في أحد الوجهين وفي الآخر البيع والخيار بحالهما، وان استخدام المبيع لم يبطل خياره في أصح الوجهين وكذلك إن قبلته الجارية ويحتمل أن يبطل إذا لم يمنعها) إذا تصرف البائع في المبيع بما يفتقر إلى الملك كان فسخاً للبيع وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي لأن تصرفه يدل على رغبته في المبيع فكان فسخاً للبيع كصريح القول لأن الصريح إنما كان فسخاً للبيع لدلالته على الرضا به فما دل على الرضا به يقوم مقامه ككنايات الطلاق، وعن أحمد رواية أخرى لا ينفسخ البيع بذلك لأن الملك انتقل عنه فلم يكن تصرفه فيه استرجاعاً له كمن وجد متاعه عند مفلس فتصرف فيه، وإن تصرف المشتري في المبيع في مدة الخيار بما ذكرنا ونحوه مما يختص الملك كاعتاق العبد وكتابته ووطئ الجارية ومباشرتها ولمسها بشهوة ووقف المبيع وركوب الدابة لحاجته أو سكنى الدار ورمها وحصاد الزرع فما وجد من هذا فهو رضا بالمبيع ويبطل به خياره لأن الخيار يبطل بالتصريح بالرضى وبدلالته ولذلك بطل خيار المعتقة بتمكينها من نفسها وقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن وطئك فلا خيار لك " وهذا مذهب أبي حنيفة والشافعي، فأما ما يستعلم به المبيع كركوب الدابة ليختبر فراهتها والطحن على الرحى ليعلم قدره ونحو ذلك فلا يدل على الرضا ولا يبطل به الخيار لانه

<<  <  ج: ص:  >  >>