أبو بكر، ولنا أن في تعيين المكان غرضاً ومصلحة لهما أشبه تعيين الزمان وبهذا يبطل ما ذكروه، ثم لا يخلو إما أن يكون مقتضى العقد التسليم في مكانه فإذا شرطه فقد شرط مقتضى العقد أولا يكون ذلك مقتضى
العقد فيتعين ذكر مكان الإيفاء نفياً للجهالة عنه وقطعاً للتنازع فالغرر في تركه لافي ذكره، وتعيين المكان يفارق هذا فإنه لا حاجة إليه ويفوت به علم المقدار المشترط لصحة العقد ويفضي إلى التنازع وفي مسئلتنا لا يفوت به شرط، ويقطع التنازع والمعنى المانع من التقدير بمكيال بعينه مجهول هو المقتضي لذكر مكان الإيفاء فكيف يصح قياسهم عليه؟ {مسألة}(ولايجوز بيع المسلم فيه قبل قبضه ولاهبته ولا أخذ غيره مكانه ولا الحوالة به) لا يجوز بيع المسلم فيه قبل قبضه بغير خلاف علمناه لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الطعام قبل قبضه وعن ربح ما لم يضمن ولأنه مبيع لم يدخل في ضمانه فلم يجز بيعه كالطعام قبل قبضه وكذلك التولية والشركة وبهذا قال أكثر أهل العلم وحكي جواز الشركة والتولية عن مالك لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الطعام قبل قبضه وأرخص في الشركة والتولية وقياساً على الإقالة، ولنا أنها معاوضة في المسلم فيه قبل القبض فلم يصح كما لو كان بلفظ البيع ولأنهما نوعا بيع فلا يجوز فيه السلم قبل قبضه كالنوع الآخر والحديث لا نعرفه وهو حجة لنا لأنه نهى عن بيع الطعام قبل قبضه والشركة والتولية بيع فيدخلان في النهي ويحمل قوله وأرخص في الشركة والتولية على أنه أرخص فيهما في الجملة لافي هذا الموضع، وأما الإقالة فإنها فسخ وليست بيعاً وأما أخذ غيره مكانه فهو أن يأخذ غير المسلم فيه عوضاً عن المسلم فيه وذلك حرام سواء كان المسلم فيه موجوداً أو معدوماً وسواء كان العوض مثل المسلم فيه في القيمة أو أقل أو أكثر، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وذكر ابن أبي موسى رواية فيمن أسلم في بر فعدمه عند المحل فرضي أن يأخذ شعيرا مثله جاز وذلك محمول على أن البر والشعير جنس والصحيح في المذهب خلافه وقال مالك يجوز أن يأخذ غير المسلم فيه مكانه يتعجله ولا يؤخره إلا الطعام، وقال ابن المنذر وقد ثبت ان ابن عباس قال: إذا أسلمت في شئ إلى أجل فإن أخذت ما أسلفت فيه وإلا