له يمكن قبضه فصح رهنه كما لو كان في يده، وظاهر كلام أحمد لزوم الرهن ههنا بنفس العقد من غير احتياج إلى أمر زائد فإنه قال إذا حصلت الوديعة في يده بعد الرهن فهو رهن فلم يعتبر أمراً زائداً وذلك لأن اليد ثابتة والقبض حاصل وإنما يتغير الحكم لاغير.
ويمكن تغير الحكم مع استدامة القبض كما أنه لو طولب بالوديعة فجحدها لتغير الحكم وصارت مضمونة عليه من غير أمر زائد، ولو عاد الجاحد فأقربها وقال لصاحبها خذ وديعتك فقال دعها عندك وديعة كما كانت ولا ضمان عليك فيها لتغير الحكم من غير حدوث أمر زائد، وقال القاضي وأصحاب الشافعي لا يصير رهناً حتى تمضي مدة يتأتى قبضه فيها، فإن كان منقولاً فبمضي مدة يمكن نقله فيها، وإن كان مكيلاً فبمضي مدة يمكن اكتياله فيها، وإن كان غير منقول فبمضي مدة التخلية، وإن كان غائباً عن المرتهن لم يصر مقبوضاً حتى يوفيه هو أو وكيله ثم تمضي مدة يمكن قبضه فيها لأن العقد يفتقر الى القبض، والقبض إنما يحصل بفعله أو بإمكانه فيكفي ذلك ولايحتاج إلى وجود حقيقة القبض لأنه مقبوض حقيقة، فإن تلف قبل مضي مدة يتأتى قبضه فيها فهو كتلف الرهن قبل قبضه ثم هل يفتقر إلى الاذن من الراهن في القبض؟ يحتمل وجهين (احدهما) يفتقر لأنه قبض يلزم به عقد غير لازم فلم يحصل بغير إذن كما لو كان في يد الراهن.
وإقراره في يده لا يكفي كما لو أقر المغصوب في يد غاصبه مع إمكان أخذه منه (والثاني) لا يفتقر لأن إقراره في يده بمنزلة إذنه في القبض، فإن أذن له في القبض ثم رجع عنه قبل مضي مدة يتأتى القبض فيها لم يلزم الرهن حتى يعود فيأذن ثم تمضي مدة يقبضه في مثلها (فصل) وإذا رهنه المضمون على المرتهن كالمغصوب والعارية والمقبوض على وجه السوم أو في بيع فاسد صح وزال الضمان، وبه قال مالك وأبو حنيفة.
وقال الشافعي: لا يزول الضمان ويثبت حكم الرهن، والحكم الذي كان ثابتاً فيه يبقى بحاله لأنه لا تنافي بينهما بدليل أنه لو تعدى في الرهن صار مضموناً وهو رهن كما كان فكذلك ابتداؤه لأنه أحد حالتي الرهن