ولنا أن مقصود الرهن الاستيثاق بالدين واستيفاؤه من ثمنه عند تعذر استيفائه من ذمة الراهن وهذا لا ينافي الانتفاع به ولا إجارته ولا إعارته فجاز إجتماعهما كانتفاع المرتهن به ولأن تعطيل منفعته تضييع للمال وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعته، ولأنه عين تعلق بها حق الوثيقة فلم تمنع إجارتها كالعبد إذا ضمن بإذن سيده، ولا نسلم أن مقتضى الرهن الحبس بل مقتضاه تعلق الحق به على وجه تحصل به الوثيقة وذلك غير مناف للانتفاع به.
ولو سلمنا بأن مقتضاه الحبس فلا يمنع كون المستأجر نائباً عنه في امساكه وحبسه ومتوفيا لمنفعته لنفسه (فصل) ولا يمنع الراهن من إصلاح الرهن ودفع الفساد عنه ومداواته إن احتاج إليها، فإذا كان ماشية فاحتاجت إلى إطراق الفحل فللراهن ذلك لأن فيه مصلحة الرهن وزيادته وذلك زيادة في حق المرتهن من غير ضرر وإن كانت فحولاً لم يكن للراهن إطراقها بغير رضا المرتهن لأنه انتفاع لا مصلحة للرهن فيه فهو كالاستخدام إلا أن يكون يتضرر بترك الإطراق فيجوز لأنه كالمداواة له (فصل) وليس للراهن عتق الرهن لأنه يبطل حق المرتهن من الوثيقة وذلك إضرار به فإن فعل نفذ عتقه موسراً كان أو معسراً نص عليه أحمد وبه قال شريك والحسن بن صالح وأصحاب الرأي والشافعي في أحد أقواله إلا أن أبا حنيفة قال يستسعى العبد في قيمته إن كان المعتق موسراً.