وجملة ذلك أن المتراهنين إذا شرطا كون الرهن على يدي رجل رضياه واتفقا عليه جاز وكان وكيلا للمرتهن نائباً عنه في القبض فمتى قبضه صح قبضه وقام مقام قبض المرتهن في قول أكثر الفقهاء منهم عطاء وعمرو بن دينار ومالك والثوري وابن المبارك والشافعي واسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي وقال الحكم والحارث العكلي وقتادة وابن أبي ليلى لا يكون مقبوضاً بذلك لأن القبض من تمام العقد فتعلق بالمتعاقدين كالإيجاب والقبول ولنا أنه قبض في عقد فجاز فيه التوكيل كسائر القبوض وفارق القبول لأن الإيجاب إذا كان لشخص كان القبول منه لأنه مخاطب به ولو وكل في الإيجاب والقبول قبل أن يوجب له صح أيضاً وما ذكروه ينتقض بالقبض في البيع فيما يعتبر القبض فيه.
إذا ثبت هذا فإنه يجوز أن يجعلا الرهن على يدي من يجوز توكيله وهو الجائز التصرف مسلما كان أو كافراً عدلاً أو فاسقاً ذكرا أو انثى ولايكون صبياً لأنه غير جائز التصرف مطلقاً فإن فعلا كان قبضه وعدم القبض واحداً ولا عبداً بغير إذن سيده لأن منافع العبد لسيده فلا يجوز تضييعها في الحفظ بغير إذنه فإن أذن له السيد جاز.
وأما المكاتب فيجوز بجعل لأن له الكسب وبذل منافعه بغير إذن السيد ولا يجوز بغير جعل لأنه ليس له التبرع بمنافعه.
{مسألة}(فإن شرط جعله في يد اثنين فليس لا حدهما الانفراد بحفظه) لأن المتراهنين لم يرضيا الا بحفضهما معاً فلم يجز لأحدهما الانفراد به كالوصين فإن سلمه أحدهما إلى الآخر فعليه ضمان النصف لأنه القدر الذي تعدى فيه وهذا أحد الوجهين لأصحاب الشافعي، وفي الآخر إذا رضي أحدهما بإمساك الآخر جاز، وبهذا قال أبو يوسف ومحمد وقال أبو حنيفة إن كان مما ينقسم اقتسماه وإلا فلكل واحد منهما إمساك جميعه لأن اجتماعهما على حفظه يشق عليهما فحمل الأمر على أن لكل واحد منهما الحفظ ولنا أن المتراهنين لم يرضيا إلا بحفظهما معاً فلم يجز لأحدهما الانفراد بذلك كالوصيين ولا
يجوز لأحدهما الانفراد بالتصرف.
قولهم أن الاجتماع على الحفظ يشق ممنوع لإمكان جعله في مخزن عليه لكل واحد منهما قفل {مسألة}(وليس للراهن ولا للمرتهن إذا لم يتفقا ولا للحاكم نقله عن يد العدل إلا أن يتغير حالة)