قال إبن المنذر الحبس عقوبة ولا نعلم له ذنباً يعاقب به والأصل عدم ماله بخلاف من علم له مال فإن الأصل بقاء ماله فيحبس حتى يعلم ذهابه ومطلق كلام الخرقي يدل على أنه يحبس في الحالتين لكنه ينبغي أن يحمل كلامه على هذا لقيام الدليل على الفرق (فصل) ومتى ثبت اعساره عند الحاكم لم يجز مطالبته ولا ملازمته، وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة لغرمائه ملازمته من غير أن يمنعوه من الكسب، فإذا رجع إلى بيته فأذن لهم في الدخول معه والامنعوه من الدخول لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لصاحب الحق اليد واللسان " ولنا أن من ليس لصاحب الحق مطالبته لم يكن له ملازمته كصاحب الدين المؤجل، وقول الله تعالى (فنظرة إلى ميسرة) ومن وجب انظاره حرمت ملازمته كمن دينه مؤجل والحديث فيه مقال قاله ابن المنذر ثم نحمله على الموسر بدليل ما ذكرنا، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لغرماء الذي أصيب في ثمار ابتاعها فكثر دينه " خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك " رواه مسلم والترمذي {مسألة}(وإن كان له ماله لا يفي به فسأل غرماؤه الحاكم الحجر عليه لزمته إجابتهم) إذا اتفق الغرماء على طلب الحجر عليه في هذه الحال لزم الحاكم إجابتهم ولايجوز الحجر عليه بغير سؤال غرمائه لأنه لا ولاية له في ذلك إنما يفعله لحق الغرماء فاعتبر رضاهم، وكذلك إن سأله بعضهم، وبهذا قال مالك والشافعي، وقال أبو حنيفة ليس للحاكم الحجر عليه فإذا أدى اجتهاده إلى الحجر عليه ثبت لأنه فصل مجتهد فيه.
ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم حجر على معاذ وباع ماله في دينه رواه الخلال باسناده