شارك الغرماء لأن سببه ثبت بغير اختيار صاحبه فأشبه ما أوجب المال، فإن قيل ألا قدمتم حقه على الغرماء كما قدمتم حق من جنى عليه بعض عبيد المفلس؟ قلنا لأن الحق في العبد الجاني تعلق بعينه فقدم لذلك وحق هذا تعلق بالذمة كغيره من الديون فاستويا، فإن جنى عبده قدم المجني عليه بثمنه لأن
الحق تعلق بالعين فقدم على من تعلق حقه بالذمة كما يقدم حق المرتهن بثمن الرهن على الغرماء ولأن حق المجني عليه يقدم على حق المرتهن فأولى أن يقدم على حق الغرماء {فصل} قال رحمه الله (الثاني إن من وجد عنده عينا باعها إياه فهو أحق بها بشرط أن يكون المفلس حيا ولم ينقد من ثمنها شيئاً والسلعة بحالها لم يتلف بعضها ولم تتغير صفتها بما يزيل اسمها كنسج الغزل وخبز الدقيق) وجملته أن المفلس إذا حجر عليه فوجد بعض غرمائه سلعته التي باعه إياها بعينها فله فسخ البيع والرجوع في عين ماله بالشروط التي نذكرها روى ذلك عن عثمان وعلي وأبي هريرة وبه قال عروة ومالك والشافعي والاوزاعي والعنبري واسحاق وأبو ثور وابن المنذر، وقال الحسن والنخعي وابن شبرمة وأبو حنيفة هو اسوة الغرماء لأن البائع كان له حق الإمساك لقبض الثمن فلما سلمه أسقط حق الإمساك فلم يكن له أن يرجع في ذلك بالإفلاس كالمرتهن إذا سلم الرهن إلى الراهن ولأنه ساوى الغرماء في سبب الاستحقاق فيساويهم في الاستحقاق كسائرهم ولنا ما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من أدرك متاعه بعينه عند إنسان قد أفلس فهو أحق به " متفق عليه قال أحمد.
لو أن حاكما حكم أنه أسوة الغرماء ثم رفع إلى رجل يرى العمل بالحديث جاز له نقض حكمه ولأن هذا العقد يلحقه الفسخ بالإقالة فجاز فيه الفسخ لتعذر الغرض كالمسلم فيه إذا تعذر ولأنه لو شرط في البيع رهنا فعجز عن تسليمه استحق الفسخ وهو