(فصل) ومن اكترى دابة إلى العشاء فآخر المدة غروب الشمس وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة وأبو ثور آخرها زوال الشمس لأن العشاء آخر النهار وآخره النصف الآخر من الزوال وكذلك جاء في حديث ذي اليدين عن أبي هريرة قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاة العشي يعني الظهر أو العصر هكذا تفسيره ولنا قوله تعالى (من بعد صلاة العشاء) يعني العتمة وقال النبي صلى الله عليه وسلم " لولا أن أشق على أمتي لأخرت العشاء إلى ثلث الليل " وإنما تعلق الحكم بغروب الشمس لأن هذه الصلاة تسمى العشاء الآخرة فيدل على أن الأولى المغرب وهو في العرف كذلك فوجب أن يتعلق الحكم به لأن المدة إذا جعلت إلى وقت تعلقت بأوله كما لو جعلتا إلى الليل، وما ذكروه لا يصح لأن لفظ العشي غير لفظ
العشاء فلا يجوز الاحتجاج بأحدهما على الآخر حتى يقوم دليل على أن معنى اللفظين واحد ثم لو ثبت أن معناهما واحد غير أن أهل العرف لا يعرفون غير ما ذكرنا، فإن اكتراها إلى الليل فهو إلى أوله وكذلك إن اكتراها إلى النهار فهو إلى أوله، ويتخرج أن يدخل الليل في المدة الأولى والنهار في الثانية لما ذكرنا في مدة الخيار، وإن اكتراها نهاراً فهو إلى غروب الشمس وإن اكتراها ليلة فهي إلى طلوع الفجر في قول الجميع لأن الله تعالى قال في ليلة القدر (سلام هي حتى مطلع الفجر) وقال (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) ثم قال (فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا